[344] انتقاض هذا الامر واختلاطه على أيديكم، وأنا أدعوكم إلى أبي عبيدة وعمر، فكلاهما قد رضيت لهذا الامر، وكلاهما أراه له أهلا. فقال عمر وأبو عبيدة ما ينبغى لاحد من الناس أن يكون فوقك، أنت صاحب الغار، ثاني اثنين، وأمرك رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالصلاة فأنت أحق الناس بهذا الامر فقال الانصار: والله ما نحسدكم على خير ساقه الله إليكم، ولا أحد أحب إلينا، ولا أرضى عندنا منكم، ولكنا نشفق مما بعد هذا اليوم، ونحذر أن يغلب على هذا الامر من ليس منا ولا منكم، فلو جعلتم اليوم رجلا منكم بايعنا ورضينا على أنه إذا هلك اخترنا وأحدا من الانصار، فإذا هلك كان آخر من المهاجرين أبدا ما بقيت هذه الامة، كان ذلك أجدر أن يعدل في امة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيشفق الانصاري أن يزيع فيقبض عليه القرشى، ويشفق القرشي أن يزيغ فيقبض عليه الانصاري. فقام أبو بكر فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما بعث عظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم، فخالفوه وشاقوه، وخص الله المهاجرين الاولين بتصديقه، والايمان به، والمواساة له، والصبر معه على شدة أذى قومه، ولم يستوحشوا لكثرة عدوهم فهم أول من عبد الله في الارض، وهم أول من آمن برسول الله، وهم أولياؤه وعترته، وأحق الناس بالامر بعده، لا ينازعهم فيه إلا ظالم، وليس أحد بعد المهاجرين يعد فضلا وقدما في الاسلام مثلكم، فنحن الامراء وأنتم الوزراء لا نفتات دونكم بمشورة، ولا نقضي دونكم الامور. فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال: يا معشر الانصار، أملكوا عليكم أيديكم، إنما الناس في فيئكم وظلكم، ولن يجترئ مجترئ على خلافكم، و لا يصدر الناس إلا عن أمركم، أنتم أهل الايواء والنصر وإليكم كانت الهجرة وأنتم أصحاب الدار والايمان، والله ما عبد الله علانية إلا عندكم وفي بلادكم، ولا جمعت الصلاة إلا في مساجدكم، ولا عرف الايمان إلا من أسيافكم، فأملكوا عليكم أمركم، فان أبي هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير ومنهم أمير. ________________________________________