[330] البهيمة وبين الحيوان والجماد فأي حجة لصاحبك فيه ؟ وأما قولك: إنه قال: (لا تحزن) فانه وبال عليه ومنقصة له، ودليل على خطائه، لان قوله: (لا تحزن) نهي، وصورة النهي قول القائل: لا تفعل، فلا يخلو أن يكون الحزن وقع من أبي بكر طاعة أو معصية، فان كان طاعة فان النبي صلى الله عليه وآله لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها ويدعو إليها، وإن كان معصية فقد نهاه النبي صلى الله عليه وآله عنها، وقد شهدت الاية بعصيانه بدليل أنه نهاه. وأما قولك: إنه قال: (إن الله معنا) فان النبي صلى الله عليه وآله قد أخبر أن الله معه وعبر عن نفسه بلفظ الجمع كقوله: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) (1) وقد قيل أيضا في هذا: إن أبا بكر قال: يا رسول الله حزني على أخيك علي بن أبي طالب عليه السلام ما كان منه، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لا تحزن إن الله معنا، أي معي ومع أخي علي بن أبي طالب. وأما قولك: إن السكينة نزلت على أبي بكر، فانه ترك للظاهر لان الذي نزلت عليه السكينة هو الذي أيده بالجنود، كذا يشهد ظاهر القرآن في قوله: (فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها) فان كان أبو بكر هو صاحب السكينة فهو صاحب الجنود، ففي هذا إخراج النبي صلى الله عليه وآله من النبوة، على أن هذا الموضع لو كتمته على صاحبك لكان خيرا له لان الله تعالى أنزل السكينة على النبي في موضعين كان معه قوم مؤمنون فشركهم فيها، فقال في أحد الموضعين: (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى) (2) وقال في الموضع الاخر: (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها) (3). ________________________________________ (1) الحجر: 9. (2) الفتح: 26. (3) التوبة: 26. ________________________________________