[310] جابر بن عبد الله الانصاري وأبو سعيد الخدري وعبد الصمد بن أبي امية وعمر بن أبي سلمة وغيرهم قالوا: لما فتح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة أرسل رسله إلى كسرى وقيصر يدعوهما إلى الاسلام أو الجزية وإلا آذنا بالحرب، وكتب أيضا إلى نصارى نجران بمثل ذلك. فلما أتتهم رسله (صلى الله عليه وآله وسلم) فزعوا إلى بيعتهم (1) العظمى وكان قد حضرهم أبو حارثة اسقفهم الاول، وقد بلغ يومئذ مائة وعشرين سنة، وكان يؤمن بالنبي والمسيح عليهما السلام ويكتم ذلك عن كفرة قومه، فقام على عصاه وخطبهم ووعظهم وألجأهم بعد مشاجرات كثيرة إلى إحضار الجامعة الكبرى التي ورثها شيث، ففتح طرفها واستخرج صحيفة شيث التي ورثها من أبيه آدم (عليه السلام)، فألفوا في المسباح الثاني من فواصلها: " بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا أنا الحي القيوم، معقب الدهور، وفاصل الامور، سببت بمشيتي الاسباب، وذللت بقدرتي الصعاب، وأنا العزيز الحكيم الرحمن الرحيم، أرحم وأترحم، وسبقت رحمتي غضبي، وعفوي عقوبتي، خلقت عبادي لعبادتي وألزمتهم حجتي ". " ألا إني باعث فيهم رسلي، ومنزل عليهم كتبي، ابرم ذلك من لدن أول مذكور من بشر إلى أحمد نبيي وخاتم رسلي، ذلك الذي أجعل عليه صلواتي ورحمتي وأسلك في قلبه بركاتي، وبه اكمل أنبيائي ونذري ". " قال آدم: من هؤلاء الرسل ؟ ومن أحمد هذا الذي رفعت وشرفت ؟ قال: كل من ذريتك، وأحمد عاقبهم (2) ووارثهم، قال: يا رب بما أنت باعثهم ومرسلهم ؟ قال: بتوحيدي، ثم اقفي ذلك (3) بثلاثمائة وثلاثين شريعة انظمها وأكملها لاحمد جميعا، فأذنت لمن جاءني بشريعة (4) منها مع الايمان بي وبرسلي أن ادخله الجنة ". ________________________________________ (1) البيعة: معبد النصارى واليهود. (2) عقب الرجل أو مكان الرجل: خلفه وجاء بعده، والمراد انه يأتي بعد الانبياء وفى آخرهم، أي يكون خاتمهم. (3) أي التوحيد. (4) أي في الوقت الذى شرع ذلك الشريعة. (*) ________________________________________