[ 9 ] وأوردونا على منهل الحق الواضح. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (1). وان كان مقصودك الان سؤالنا أن تسمع صورة اعتقادنا قبل النظر في دلائلنا، فاعلم اننا نعتقد: أن لنا ربا واجب الوجود بذاته، متفردا في صفاته، قادرا على كل مقدور مختارا في سائر الامور، عالما بكل معلوم، سميعا بصيرا مدركا منزها عن الجسمية والتشبيه وعن ظلم العباد وعن الرضا بما يقع منهم من الفساد، غنيا واحدا أبديا سرمديا حكيما لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب، مريدا لما تقتضيه الحكمة والاحسان، كارها لما تكره الحكمة والعدل من الظلم والكفر والعدوان متكلم بكلام أحدثه بقدرته وأنزله على ملائكته ورسله وأنبيائه وخاصته. وان افعالنا صادره عنا بحسب دواعينا وأن كل قبيح أو فساد أو نقص فانه منا، وان ربنا جل جلاله منزه عن أفعالنا الذميمة وعما نختاره نحن من الاختيارات السقيمة، وأننا مختارون ولسنا مكرهين ولا مضطرين ولا مقهورين. وانه سبحانه خلقنا رحمة لنا وعناية بنا وجودا وتكرما علينا واحسانا الينا، " من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد " (2). وانه جعل لنا عقولا سليمة تشهد عندنا بجملة ما كلفنا اياه وتدلنا على مسالك رضاه. وانه بعث الانبياء حجة على من أطاعه وعصاه، حيث علم ان رسله أهل لتحمل رسالته وأداء امانته، وعلم أن عباده محتاجون الى معرفة تفصيل مراد الله منهم، فجعل رسله سفراء يأخذ عباده تلك التفاصيل عنهم، ولئلا يقول الناس ________________________________________ (1) جمعة: 4. (2) فصلت: 46. ________________________________________