[ 16 ] سليمان بن داود بن الحسن المثنى السبط ابن مولانا امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، وبالتحديد قبل ظهر يوم الخميس منتصف شهر محرم الحرام سنة 589 ه. نشأ رحمه الله في بيت عريق يفوح عطر العلم الالهي من جنباته، ويؤمه المسلمون للتزود من بركاته، فأخذ العلم في باكورة حياته عن جده ورام وابيه رحمهما الله، حيث تعلم الخط والعربية، وقرأ علوم الشريعة المحمدية المباركة، ودرس الفقه، فتفوق على أقرانه، وبزهم بذكائه الملفت للانتباه. هاجر إلى بغداد في حدود سنة 625 ه، وبقي فيها نحوا من خمس عشرة سنة، ثم عاد إلى مدينته في أواخر عهد المستنصر المتوفى سنة 640 ه. استطاع السيد ابن طاووس رحمه الله في بغداد - وكنتيجة طبيعية لما يتميز به من منزلة علمية عالية - أن يفرض له وجودا قويا ومكانة مرموقة دفعت بالكثيرين إلى الاعتراف بها والاقرار بحقيقتها، بل وأرغمت الخلافة الرسمية إلى التودد إليها، ومحاولة الاسترشاد بقدرتها، مما أدى بالتالي إلى نشوء علاقة قوية ومتينة بين الخليفة العباسي آنذاك وهو المستنصر وبين السيد رحمه الله، مما مكن الاخير من التوسط لحل الكثير من مشاكل عوام الناس، ودفع الضرر عنهم، وتوفير لقمة العيش لهم. ولقد كان بلغ حب الخليفة العباسي للسيد رحمه الله حدا دفعه إلى مفاتحته صراحة في مسألة تسليم الوزارة له، بعد محاولاته السابقة بتسليمه منصب الافتاء ونقابة الطالبيين، وحيث كان رد السيد الرفض القاطع لتسلم هذا المنصب الحساس والمهم، لاسباب موضوعية ذكرها هو للمستنصر، حيث قال له: أن كان المراد بوزارتي على عادة الوزراء يمشون امورهم بكل مذهب وكل سبب، سواء كان ذلك موافقا لرضا الله جل جلاله ورضا سيد الانبياء والمرسلين أو مخالفا لهما في الآراء، فانك من ادختله في الوزارة بهذه القاعدة قام ________________________________________