[ 343 ] يصلون الى المشرق، فاراد الناس ان ينهوهم عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ثم امهلهم وامهلوه ثلاثا فلم يدعهم ولم يسألوه لينظروا الى هديه ويعتبروا ما يشاهدون منه مما يجدون من صفته. فلما كان بعد ثالثة دعاهم صلى الله عليه وآله الى الاسلام فقالوا: يا ابا القاسم ما اخبرتنا كتب الله عزوجل بشئ من صفة النبي المبعوث بعد الروح عيسى عليه السلام الا وقد تعرفناه فيك الا خلة هي اعظم الخلال آية ومنزلة واجلاها امارة ودلالة. قال صلى الله عليه وآله: وما هي ؟ قالوا: انا نجد في الانجيل من صفة النبي الغابر 1 من بعد المسيح انه يصدق به ويؤمن به وانت تسبه وتكذب به وتزعم انه عبد، قال: فلم تكن خصومتهم ولا منازعتهم للنبى صلى الله عليه وآله الا في عيسى عليه السلام. فقال النبي صلى الله عليه وآله: لا، بل اصدقه واصدق به وأؤمن به واشهد انه النبي المرسل من ربه عز وجل واقول: انه عبد لا يملك لنفسه نفعا ولاضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، قالوا: وهل يستطيع العبد ان يفعل ماكان يفعل وهل جائت الانبياء بما جاء به من القدرة القاهرة ألم يكن يحيى الموتى ويبرى الأكمه والابرص وينبئهم بما يكنون 2 في صدورهم وما يدخرون في بيوتهم، فهل يستطيع هذا الا الله عزو جل أو ابن الله، وقالوا في الغلو فيه واكثروا، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ؟ فقال صلى الله عليه وآله: قد كان عيسى اخى كما قلتم يحيى الموتى ويبرى الأكمه والأبرص ويخبر قومه بما في نفوسهم وبما يدخرون في بيوتهم، وكل ذلك باذن الله عز وجل وهو لله عز وجل عبد وذلك عليه غير عار وهو منه غير مستنكف، فقد كان لحما ودما وشعرا وعظما وعصبا وامشاجا 3 يأكل الطعام ويظمى وينصب باربه 4 وربه ________________________________________ 1 - الغابر: الماضي والباقى. 2 - كننت الشئ: استرته، واكننته في نفس: اسررته. 3 - المشاج: الاخلاط. 4 - ينصب باربه: يتعقب بسبب حاجته، ويمكن ان يكون كناية عن الذهاب الى الخلاء. ________________________________________