[ 338 ] الذى جاء بها الاملاك من عند الله عزوجل فقنعوا بما وقفوا عليه في الجامعة، قال أبو حارثة: لا بل شارفوها 1 بأجمعها واسبروها 2، فانه أصرم 3 للمعذور وارفع لحكة 4 الصدور، وأجدر الا ترتابوا في الأمر من بعد، فلم يجد من المصير الى قوله من بد، فعمد القوم الى تابوت ابراهيم عليه السلام قال: وكان الله عزوجل بفضله على من يشاء من خلقه، قد اصطفى ابراهيم عليه بخلته وشرفه بصلواته وبركاته وجعله قبلة واماما لمن يأتي من بعده وجعل النبوة والامامة والكتاب في ذريته يتلقاها آخر عن اول وورثه تابوت آدم عليه السلام المتضمن للحكمة والعلم الذى فضله الله عز وجل به على الملائكة طرا. فنظر ابراهيم عليه السلام في ذلك التابوت فأبصر فيه بيوتا بعدد ذوى العزم من الانبياء المرسلين وأوصيائهم من بعدهم ونظرهم، فإذا شكل عظيم يتلألأ نورا فيه: هذا صنوه ووصيه المؤيد بالنصر، فقال ابراهيم عليه السلام، الهى وسيدي من هذا الخلق الشريف ؟ فأوحى الله عزو جل: هذا عبدى وصفوتي الفاتح الخاتم وهذا الوارث، قال: رب ما الفاتح الخاتم ؟ قال: هذا محمد خيرتي وبكر فطرني 5 وحجتي الكبرى في بريتى، نبئته واجتبيته إذا آدم بين الطين والجسد، ثم انى باعثه عند انقطاع الزمان لتكلمة دينى وخاتم به رسالاتي ونذرى، وهذا على اخوه وصديقه الأكبر، آخيت بينهما واخترتهما وصليت وباركت عليهما وطهرتهما واخلصتهما والابرار منهما وذريتهما قبل ان اخلق سمائي وارضى وما فيهما من خلقي، وذلك لعلمي بهم وبقلوبهم انى بعبادي عليهم خبير. قال: ونظر ابراهيم عليه السلام فإذا اثنى عشر تكاد تلألأ اشكالهم لحسنهما 6 نورا، ________________________________________ 1 - شارفه وعليه: اطلع من فوقه. 2 - السبر: امتحان غور الشئ. 3 - اصرم: اقطع. 4 - لحسكة (خ ل)، أقول: حكة الصدر: خلجان الشبهة فيها، الحسكة: نبات تعلق ثمرته بالصوف، والحقد والعداوة. 5 - بكر فطرتي: اول خلقي. 6 - بحسنها (خ ل). ________________________________________