[ 333 ] السيد والعاقب كل مبلغ لعلمهما بما يهحمان عليه في تصفحهما من دلائل رسول الله صلى الله عليه وآله وصفته وذكر أهل بيته وازواجه وذريته وما يحدث في امته واصحابه من بوائق الأمور من بعده الى فناء الدنيا وانقطاعها. فأقبل أحدهما على صاحبه فقال: هذا يوم ما بورك لنا في طلوع شمسه، لقد شهدته اجسامنا وغابت عنه آراؤنا بحضور طغاتنا وسفلتنا ولقل ما شهد سفهاء قوم مجمعة الا كانت لهم الغلبة، قال الاخر: فهم شر غالب لمن ان احدهم ليفيق بأدنى كلمة ويفسد في بعض ساعة مالا يستطيع الاسى الحليم له رتقا ولا الخولى 1 النفيس اصلاحا له في حول محرم له ذلك، لان السفيه هادم والحليم بان وشتان بين البناء والهدم. قال: فانتهز حارثة الفرصة فارسل في خيفة 2 وسر الى النفر من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فاستحضرهم استظهارا بمشهدهم، فحضروا فلم يستطيع الرجلان فض ذلك المجلس ولا ارجاؤه، وذلك لما بينا من تطلع عامتها من نصارى نجران الى معرفة ما تضمنت الجامعة من صفة رسول الله صلى الله عليه وآله وانبعاث له مع حضور رسل رسول الله صلى الله عليه وآله لذلك وتأليب 3 حارثة عليهما فيه وصفو 4 أبى حارثة شيخهم إليه. قال: قال لى ذلك الرجل النجرانى، فكان الرأى عندهما ان ينقادا لما يدهمهما من هذا الخطب ولا يظهران شماسا 5 منه ولا نفورا، حذار ان يطرقا الظنة فيه اليهما وان يكونا ايضا اول معتبر للجامعة ومستحث لهما لئلا يفتات 6 في شئ من ذك المقام والمنزلة عليهما ثم يستبين ان الصواب في الحال ويستنجد انه ليأخذان بموجبه فتقدما لما تقدم في أنفسهما من ذلك الى الجامعة وهى بين يدى أبى حارثة وحاذاهما حارثة بن اثال ________________________________________ 1 - الخولى: الراعى الحسن القيان على المال. 2 - خفية (خ ل). 3 - التأليب: التحريض. 4 - الصفو: الميل. 5 - شماسا: منعا. 6 - يفتات: من الفت وهو التكسر والتفريق والانهدام. ________________________________________