[ 17 ] فالاولى للعاقل ان يقنع بكنز القناعة ويحترز عن الذل والفضاحة فان المقسوم لايمنع، والحرص عليه لا ينفع، كما قيل: بيت: دع الحرص على الدنيا * وفيها الرزق لا تطمع فان الرزق مقسوم * وسوء الظن لا ينفع فقير كل ذى حرص * غنى كل من يقنع 19 - قال أمير المومنين رضى الله عنه: لا راحة مع الحسد. اقول: الحسد هو ان تتمنى زوال نعمة المحسود وانتقالها اليك، وقيل: ارادة زوال نعمة فيها صلاح صاحبها عنه حسد، وارادة مثلها لنفسه غبطة (1)، وارادة زوال نعمة ليس فيها صلاح صاحبها غيرة، مثلا ان ارادة زوال العلم عمن يعمل به حسد، وعمن لا يعمل به غيرة، وارادة مثله غبطة، فالاخران جائزان دون الاول، فانه المفسد للطاعات والحامل على الخطيئات، كما قتل أحد ابني آدم الاخر حسدا، وقال بعضهم: الحاسد جاحد لانه لا يرضى بقضاء الواحد. المعنى - لا يخلو العالم عن النعم، ومريد زوالها يدوم في الحزن والغم، والغم فلا يستريح اصلا، كمن اكل السم، فاللازم لكل احد ان يتقى من (2) الحسد فان اثره يتبين في الحاسد قبل ان يتبين في المحسود، ونقل عن الاصمعي أنه قال: سألت اعرابيا اتى عليه مائة وعشرون سنة، فقلت: ما اطول عمرك ؟ ! فقال: تركت الحسد فبقيت. ________________________________________ (1) - في الهامش: " وقيل الغبطة أمر حسن مرضى إذا كان المتمنى مما يتقرب به الى الله تعالى كطلب العلم للعمل به وارشاد الخلق، وطلب المال للانفاق في الخير. وقيل: لا باس به إذا كان في مباح لا يفضى الى محظور، كذا في توضيح مقدمة، منه ". (2) - كذا ولا حاجة الى من لان " اتقى " يتعدى بنفسه وهو واضح. ________________________________________