931 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا أبو عثمان سعيد بن عثمان الحناط قال حدثني عبد الله بن محمد بن أحمد الهاشمي حدثني الحسن بن محمد الهاشمي عن محمد بن السماك قال Y كنت أطوف أطلب العباد و الزهاد فذكر لي رجل بعبادان قد رفض الدنيا و أقبل على الآخرة جدا و اجتهادا فأتيت عبادان فسألت عنه فوصف لي داره فأتيت إلى باب دار كبيرة ليس عليها إلا باب بمصراع صغير فقرعت الباب فخرجت إلى جارية خماسية فقالت : من الطارق بالباب ؟ قلت : أنا يا جارية هذا منزل فلان العابد ؟ قالت : نعم قلت لها استأذتي عليه فإن أنا دخلت عليه وهبت لك درهما فقالت : يا عبد الله ما رأيت أحدا هو أجهل منك أدخل فما على أبي من حاجب و إنما الحجاب على أبواب الملوك و أبناء الملوك فبهت متعجبا من قولها ثم دخلت و دخلت معها و إذا دار قوراء ليس فيها إلا بيت صغير فدخلت البيت فإذا أنا برجل قد نحل من غير سقم وقد احتفر قبرا عند رجليه و قد دلى رجليه فيه و في يده خوص يشقه و هو يتلو هذه الآية : .
{ أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون } .
بصوت حزين فسلمت عليه فرد علي السلام و قال : أمن أخواني أنت قلت نعم و لست من أهل البصرة و لا من أهل عبادان قال : فمن أين أنت ؟ قلت من أهل الكوفة قال : فما اسمك ؟ قلت : محمد بن السماك قال : لعلك الواعظ ؟ قلت : نعم قال : فأخذ يدي بيديه جميعا ثم قال : لي : مرحبا و حياك الله يا أخي بالسلام و متعنا في الدنيا بالإخوان ! يا أخي ! ما زالت نفسي متطلعة إلى لقائك تحب أن تعرض داءها على دواءك أعلمك يا أخي أن بي جرجا قديما قد أعيي المعالجين قبلك فتأتاه برفقك و ألصق عليه ما تعلم أنه يلائمه من مراهمك قال : فعملت أن الرجل يريد أن أعظه فقلت : يا أخي و هل يداوي مثلي مثلك ؟ و جرجي انغل من جرحك و ذنبي أعظم من ذنبك فقال : سألتك بالله إلا ما وعظتني ! فقلت : يا أخي ! قد علمت أن ذنبك الذي أذنبت لم يمح و أن لذاذتك لم تبق و أن الموت يطلبك صباحا و مساء و إنك تصير غدا إلى ضيق اللحود و ظلمة القبور و مسألة منكر و نكير فلما قلت له ذلك شهق شهقة خر في قبره يخور كما الثور إذا وجي في منحره و أقبلت امرأته و ابنته تبكيان من وراء الحجاب و تقولان : سألناك بالله لا تزده شيئا فتقتله علينا .
فأفاق فقال : يا أخي قد وافق دواءك دائي و لصق مرهمك بجرحي أخي ابن السماك ! زدني .
فقلت له : يا أخي ! إن أهلك و ولدك قد حلفوني إني لا أزيدك شيئا فأقبل عليهم و قال : اعلم يا أخي أنه ليس أحد أشد علي وبالا و لا أعظم جرما مني إذا وقفت بين يدي ربي ـ من أهلي و ولدي .
فقلت : يا أخي ! ما بعد ظلمة القبور و ضيق اللحود و مسألة منكر و نكير إلا الطامة قال : و ما هي يا ابن السماك ؟ فقلت له : إذا أخذ إسرافيل يعني في نفخ الصور و بعثر ما في القبور و جئنا نحن بأثقالنا نحمل عل الظهور فكم يا أخي في ذلك اليوم من مناد ينادي بالويل و البثور ؟ و أعظم من ذلك أيضا توبيخ الرب إيانا عند قراءة السيئات التي قد أحصى علي و عليك فيه النقير و الفتيل و القطمير و ملائكة متزرون بأزر من نار غضاب لغضب الرحمن ينتظرون ما يقال لعن بالغضب : .
{ خذوه فغلوه } .
قال فشهق شهقة فخر في قبره كأنه ثور قد وجي في منحره و بال فعرفت بالبول ذهاب عقله فأقبلت ابنته فاجتذبته و أسندته إلى صدرها و مسحت وجهه بكمها و هي تقول بأبي و أمي عينين طال ما سهرتا في طاعة الله ! بأبي و أمي عينين طال ما غضتا عن محارم الله .
و أفاق فقال لي : عليك السلام يا ابن السماك أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله وشهق الثالثة فظننت أنها مثل الأوليين فحركته فإذا الرجل قد فارق الدنيا