732 - قال : و نا علي ثنا مسكين أبو فاطمة قال سأل منصور بن زاذان رجل و أنا أسمع Y ما كان الحسن يقول في قوله : .
{ ما لكم لا ترجون لله وقارا } .
قال : لا تعلمون له عظمة و لا تشكرون له نعمة .
قال الحيمي C : لا فرق بين أن يقول السيد لمملوكه : مالك لا تخاف سلطاني و ملكي ؟ و بين أن يقول : مالك لا تعرف نفسك وزنها و لا تنزلها منزلة مثلها ؟ .
ففي الكلامين يراد بهما تقرير حال العبد عند نفسه لئلا يأمن سطوة سيده فيدعوه ذلك إلى مفرقة طاعته .
و أبين من هذا قوله عز و جل : .
{ وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا * أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا * أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا } .
فعرفهم أنه لا ينبغي لهم في حال من الأحوال أن يفارقوا طاعته أو يقصروا في شكره مستشعرين منه أمنا لما يرونه من نعمه السابغة عليهم مقدرين أنه راض منهم باليسير من الطاعة التي يوفونه من أنفسهم فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون بل سبيلهم أن يكونوا في الأحوال كلها مشفقين من سخطه و مؤاخذته مخطرين بقلوبهم إنه أن أراد به هلكا أو سوءا دونه ما كان لم يجدوا من يدفعه عنهم و لا من يمنعه بما يملك منهم .
و أما الثاني فإن الله جل ثناؤه أثنى على الذين يدعونه فيقولون : .
{ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا } و قرأ الآية .
و سماهم الراسخين في العلم و معلوم أن أحد لا يدعو فيقول : رب لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني إلا و هو خائف على الهدى الذي أكرمه الله تعالى به أن يسلبه إياه .
و أخبر عن أهل الجنة إنهم يقولون : .
{ إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين } قرأ الآيتين .
و جاء في التفسير أنهم كانوا مشفقين من أن يسلبوا الإسلام فيوردوا يوم القيامة موارد الأشقياء و كانوا يدعون الله أن لا يفعل بهم ذلك و كذلك سائر نعم الله و إن كان الإسلام أعلاها .
و أما الثالث : قال في غير موضع من كتابه : .
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم } .
و قال : { وإياي فاتقون } .
و قال : { قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة } .
فأمر بالتقوى و هي أن يقي المخاطبون أنفسهم من نار جهنم بفعل ما أمر الله به و ترك ما نهى الله عنه و معنى { اتقون } اتقوا عذابي و مؤاخذتي و قال النبي صلى الله عليه و سلم : .
اتقوا النار و لو بشق تمرة