363 - و ذلك فيما أخبرنا به أبو الحسن العلاء بن محمد بن أبي سعيد عنه أخبرنا أبو إسحاق الاسفراييني الإمام أنبا عبد الخالق بن الحسن ثنا عبد الله بن ثابت حدثني أبي عن الهذيل عن مقاتل بن سليمان Y أنه قال في هذه الآية : { تعرج } يعني تصعد { الملائكة } من السماء إلى سماء إلى العرش { و الروح } يعني جبريل عليه السلام { إليه } من الدنيا { في يوم كان مقداره } عندكم يا بني آدم { خمسين ألف سنة } يعني بقوله : { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } يقول : ولو ولى حساب الخلائق و عرضهم غيري لم يفرغ منه إلا في مقدار خمسين ألف سنة فإذا أخذ الله في عرضهم يفرغ الله منه في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا فلا ينتصف ذلك اليوم حتى يستقر أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار و ذلك قوله تعالى : .
{ أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا و أحسن مقيلا } .
يقول : ليس مقيلهم كمقيل أهل النار .
و إلى معنى هذا ذهب الكلبي في تفسيره الذي يرويه عن أبي صالح عن ابن عباس يعني لو ولى محاسبة العباد غير الله عز و جل لم يفرغ منه في خمسين ألف سنة .
قال البيهقي C : و روينا عن الفراء أنه قال : في هذه الآية يقول : لو صعد غير الملائكة لصعدوا في قدر خمسين ألف سنة .
و إلى معنى هذا ذهب الحليمي C و قال : التقدير إنما هو لعروج الملائكة و الروح من الأرض يعني إلى العرش .
و قد قال في غير هذه الآية .
{ يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون } .
فيحتمل أن يكون المعنى أنها تنزل من السماء إلى الأرض ثم تعرج من الأرض إلى السماء الدنيا من يومها فتقطع ما لو احتاج الناس إلى قطعها من المسافة لم يقطعوها إلا في ألف سنة مما تعدون و ينزل من عند العرش إلى الأرض ثم يعرج منها إليه من يومها و لو احتاج الناس إلى قطع هذا المقدار من المسافة لم يقطعوها إلا في خمسين ألف سنة مما تعدون و ليس هذا من تقدير يوم القيامة بسبيل و إنما هو من صلة قوله ذي المعارج و قوله : .
{ إنهم يرونه بعيدا * ونراه قريبا } .
عاد إلى ذكر العذاب الذي وصفه في أول السورة و أكد هذا فما حكي عن وهب بن منبه أنه قال : ما بين الأرض و العرش خمسين ألف سنة من أيامنا و شهورنا و سنينا .
قال و يمكن أن يقال أن الملائكة كانت تستطيع قبل يوم القيامة أن تنزل إلى الأرض من أعلى مقام لهم في السموات و فوقها ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة فأما يوم القيامة فلا تستطيع ذلك إما لأن السموات إذا طويت لم يكن لهم يومئذ مصعد يقرون فيه و أما لما يشاهدون من عظمة الله و شدة غضبه ذلك اليوم على أهل العناد من عباده فيفتر قواهم فيحتاجون إلى العروج إلى مدة أطول مما كان يحتاجون إليه منها قبله فقدر الله ذلك بخمسين ألف سنة على معنى أن غيرهم لو قطعها لم يقطعها إلا في خمسين ألف سنة و هكذا كما جاءت به الأخبار من أن العرش على كواهل أربعة من الملائكة ثم أخبر الله عز و جل أنهم يكونون يوم القيامة ثمانية .
و يشبه أن يكون ذلك أنه يفتر قواهم يومئذ إلى ما ذكرنا فيؤيدون بغيرهم و الله أعلم بجميع ذلك نسأل الله خير ذلك اليوم و نعوذ به من شر ذلك اليوم