353 - أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بالويه المزكي أخبرنا أبو وليد الفقيه ثنا إبراهيم بن علي ثنا يحيى بن يحيى ثنا موسى بن أعين Y فذكر حديث أبي صالح بمعناه .
قال البيهقي C فإذا نفخ في الصور فصعق من في السموات و من في الأرض كما قال الله عز و جل : .
{ و نفخ في الصور فصعق من في السموات و من في الأرض إلا من شاء الله } .
و اختلفوا في هذا الاستثناء فروي عن جابر بن عبد الله أنه قال : موسى فيمن استثنى الله فإنه صعق مرة و هذا لما في الحديث الثابت عن أبي هريرة في قصة المسلم الذي لطم اليهودي حين قال : و الذي اصطفى موسى على البشر فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لا تفضلوا بين أنبياء الله فإنه ينفخ في الصور فصعق من في السموات و من في الأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث أو في أول من بعث فإذا موسى آخذ بالعرش فلا أدري أحوسب بصعقة يوم الطور أو بعث قبلي .
و هذا حديث صحيح .
قال البيهقي C و وجهه عندي أن نبينا صلى الله عليه و سلم أخبر عن رؤية جماعة من الأنبياء ليلة المعراج و إنما يصح ذلك على تقدير أن الله تعالى رد إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم فإذا نفخ في الصور النفخة الأولى صعقوا فيمن صعق ثم لا يكون ذلك موتا في جميع معانيه إلا في ذهاب الاستشعار فإن كان موسى ممن استثنى عز و جل بقوله : { إلا من شاء الله } فإنه لا يذهب استشعاره في تلك الحالة و الله أعلم .
وروينا عن سعيد بن جبير أنه قال هم الشهداء ثنية الله عز و جل مقلدي السيوف حول العرش .
و روي فيه حديث مرفوع عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه سأل جبريل عليه السلام عن هذه الآية و قال : و من الذي لم يشأ الله D أن يصعقوا ؟ قال هم شهداء الله D و هذا لأن الله D أخبر في كتابه أنهم { أحياء عند ربهم يرزقون } فلا يموتون في النفخة الأولى فيمن يموت من الأحياء و الله أعلم .
و روينا عن زيد بن أسلم أنه قال : .
الذين استثنى الله D اثنا عشر جبريل و ميكائيل و إسرافيل و ملك الموت و حملة العرش ثمانية .
و ذهب الحليمي C إلى اختيار قول من قال إن الاستثناء لأجل الشهداء و رواه عن ابن عباس و حمل قول النبي صلى الله عليه و سلم في موسى عليه السلام على أنه لم يدر أبعث قبل غيره من الأنبياء تخصيصا له عليه السلام كما فضل في الدنيا بالتكليم أو قدم بعثه على بعث غيره من الأنبياء عليهم السلام بقدر صعقته عندما تجلى ربه للجبل إلى أن أفاق ليكون هذا جزاء له بها و ليس فيه أن يموت عند النفخة الأولى .
و ضعف قول من زعم الاستثناء لأجل الملائكة الذين سماهم لأنهم ليسوا من سكان السموات و الأرض لأن العرش فوق السموات كلها و جبريل و ميكائيل من الصافين المسبحين حول العرش فلم يدخلوا في الآية .
و كذلك لا يدخل فيها الولدان و الحور لأن الجنة فوق السموات و الآية في سكان السموات و الأرض ثم قد ورد في بعض الآثار : أنه يميت حملة العرش و يميت جبريل و ميكائيل و ملك الموت ثم ينادي لمن الملك اليوم فلا يجبه أحد فيقول هو : لله الواحد القهار .
و قد روي فيه حديث مرفوع في إسناده ضعف و قد ذكرناه في كتاب البعث .
و أما الجنة و ما فيها من الحور الحيوان فإنها خلقت للبقاء لا للفناء و هي دار لذة و سرور و لم يأتنا خبر بموت من فيها .
فإن قيل : قد قال الله D : .
{ كل نفس ذائقة الموت } .
{ كل شيء هالك إلا وجهه } .
قال الحليمي C : يحتمل أن يكون معناه ما من شيء إلا و هو قابل للهلاك فيهلك إن أراد الله به ذلك إلا وجهه أي إلا هو فإنه تعالى جده قديم و القديم لا يجوز عليه الفناء و ما عداه محدث و المحدث إنما يبقى قدر ما يبقيه محدثه فإذا حبس البقاء عني خطأ فني و لم يبلغنا في خبر أنه يهلك العرش و يفنيه فلتكن الجنة مثله و الله أعلم .
قال البيهقي C و رويناه عن سفيان الثوري أنه قال : في تفسير هذه الآية كل شيء هالك إلا ما أريد به وجهه .
و في رواية إلا ما ابتغى به وجهه من الأعمال الصالحة .
فإذا مات الأحياء كلهم و جاء وقت النفخة الأخرى فقد جاء في حديث الصور و هو حديث روي عن محمد بن كعب عن رجل عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم و في إسناده مقال فذكر قصة في النفخة الأولى و ما بعدها و ذكر موت جبريل و ميكائيل ثم موت حملة العرش و موت إسرافيل ثم موت ملك الموت ثم ينزل ماء من تحت العرش كمني الرجال ثم يأمر السماء أن تمطر أربعين يوما و يأمر الأجساد أن تنبت كنبات الطراثيث أو كنبات البقل حتى إذا تكاملت أجسادهم قال الله تعالى ليحيى حملة العرش فيحيون ثم يقول ليحيى جبريل و ميكائيل أظنه و ذكر معهما غيرهما فيحيون فيأمر الله D إسرافيل فيأخذ الصور فيضعه علي فيه ثم يدعو الله بالأرواح فيؤتى بها تتوهج أرواح المؤمنين نورا و الأخرى ظلمة فيلقيها في الصور ثم يأمر الله إسرافيل أن ينفخ فيه نفخة البعث فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء و الأرض فيقول الله و عزتي و جلالي ليرجعن كل روح إلى جسده فتدخل الأرواح في الخياشيم ثم تمشي في الأجساد مشي السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنهم سراعا