284 - أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي أنا أبو الحسين أحمد بن عثمان الآدمي ثنا أبو إسماعيل الترمذي ثنا الأويسي ثنا سلميان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة Y أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : .
اجتنبوا السبع الموبقات قالوا : يا رسول الله و ما هن ؟ قال : الشرك بالله و السحر و قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق و أكل الربا و أكل مال اليتيم و التولي يوم الزحف و قذف المحصنات المؤمنات الغافلات .
رواه البخاري في الصحيح عن عبد العزيز بن عبد الله الأويسي .
و أخرجه مسلم من وجه آخر عن سليمان .
قال الإمام أحمد C تعالى : و ليس في تقييده ذلك بالسبع منع الزيادة عليهم و إنما فيه تأكيد اجتنابهن ثم قد ضم إليهن غيرهن .
روينا عن عبيد بن عمير عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم : .
الكبائر تسع .
فذكرهن و ذكر معهن : عقوق الوالدين و استحلال البيت الحرام .
و في الحديث الثابت عن أنس بن مالك Bه أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن الكبائر فقال : .
الشرك بالله و قتل النفس و عقوق الوالدين و قال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر : قوله الزور ـ أو قال ـ شهادة الزور بدل قول الزور .
و روي في الحديث الثابت عن عبد الله بن عمرو قال : .
جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام : ما الكبائر ؟ قال : الإشراك بالله قال : ثم ماذا ؟ قال : عقوق الوالدين قال : ثم ماذا ؟ قال : اليمين الغموس .
و في الحديث الثابت عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا : يا رسول الله ! و هل يشتم الرجل والديه ؟ قال : نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه و يسب أمه فيسب أمه .
و في الحديث الثابت عن عبد الله بن مسعود قال : .
قلت يا رسول الله أي الذنب أعظم عند الله عز و جل ؟ قال : أن تجعل لله ندا و هو خلقك قلت : ثم ماذا ؟ قال : أن تقتل ولدك خشية أن يطعم قلت : ثم ماذا ؟ قال : أن تزاني حلية جارك .
و في الحديثة الثابت عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال و حوله عصبة من أصحابه .
بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا و لا تسرقوا و لا تزنوا و لا تقتلوا أولادكم و لا تأتوا ببهتان و لا تعصوا في معروف .
و قد ورد في الكتاب تحريم الميتة و الدم و لحم الخنزير و سائر ما ذكر معهما و ورد فيه تحريم الخمر و الميسر و ورد فيه تحريم أكل مال اليتيم و تحريم أكل الأموال بالباطل و تحريم قتل النفس و تحريم الزنا و السرقة و غير ذلك و هو في مواضعه مذكور .
وورد في السنة حديث جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم : .
ليس بين العبد و بين الشرك إلا ترك الصلاة .
و إنما أراد و الله أعلم تخصيص الصلاة لوجوب القتل بتركها .
و قد أورد الحليمي C ما أوردناه ثم قال : و إذا تتبع ما في الكتاب و السنة من المحرمات كثر و إنما أوردنا هذا لنبين الصغائر و الكبائر بيانا حاويا نأتي به على ما نحتاج إليه في هذا الباب بإذن الله .
فتقول : قتل النفس بغير حق كبيرة فإن كان المقتول أبا و ابنا أو ذا رحم في الجملة أو أجنبيا متحرما بالحرمة و بالشهر الحرام فهو فاحشة و أما الخدشة و الضربة بالعصا مرة أو مرتين فمن الصغائر .
و الزنا كبيرة فإن كان بحليلة الجار أو بذات محرم أو لا بواحدة من هاتين لكن بأنه في شهر رمضان أو في البلد الحرام فهو فاحشة قال الله عز و جل : .
{ ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم } .
و أما ما دون الزنا الموجب للحد فإنه من الصغائر فإن كان مع امرأة الأب أو حليلة الابن أو مع أجنبية ايم لكن على سبيل القهر و الإكراه كان كبيرة .
و قذف المحصنات كبيرة و إن كانت المقذوفة أما أو أختا أو امرأة زانية كان فاحشة .
و قذف الصغيرة و المملوكة و الحرة المتهتكة من الصغائر و كذلك القذف بالخيانة و الكذب و السرقة .
و الفرار من الزحف كبيرة فإن كان من واحد أو اثنين ضعيفين و هو أقوى منهما أو اثنين حملا عليه بلا سلام و هو شاك السلام فذلك فاحشة .
و عقوق الوالدين كبيرة فإن كان مع العقوق سب أو شتم أو ضرب فهو فاحشة و إن كان العقوق بالاستثقال لأمرهما نهيهما و العبوس في وجوههما و التبرم بهما مع بذل الطاعة و لزوم الصمت فهذا من الصغائر فإن كان ما يأتيه من ذلك يلجئهما إلى أن ينقبضا عنه فلا يأمرانه و لا ينهيانه و يلحقهما من ذلك ضرر فهذا كبيرة .
و السرقة من الكبائر و أما أخذ المال في قطع الطريق فاحشة و لذلك تقطع يد السارق و تقطع يد المحارب و رجله من خلاف .
و قتل النفس في قطع الطريق فاحشة و لذلك لا يعمل عفو الوالي عنه إذا قدر عليه قبل التوبة .
و سرقة الشيء التافه الحقير صغيرة فإن كان المسروق منه مسكينا لا غنى به عما أخذ منه فذلك كبيرة و إن لم يكن على السارق الحد .
و أخذ أموال الناس بغير حق كبيرة فإن كان المأخوذ ماله يفتقر أو كان أبا الأخذ أو أمه أو كان الأخذ بالاستكراه و القهر فهو فاحشة و كذلك إن كان على سبيل القمار فإن كان المأخوذ شيئا تافها و المأخوذ منه غنيا لا بأس عليه من ذلك فذلك صغيرة .
و شرب الخمر من الكبائر فإن استكثر الشارب منه حتى سكر أو جاهر به فذلك من الفواحش فإن مزج خمرا بمثلها من الماء فذهبت شرتها و شدتها فذلك من الصغائر .
و ترك الصلاة من الكبائر فإن صار عادة فهو من الفواحش فإن كان أقامها و لم يؤتها حقها من الخشوع لكنه التفت فيها أو فرقع أصابعه أو استمع إلى حديث الناس أو سوى الحصى أو أكثر من مس الحصى من غير عذر فذلك من الكبائر فإن اتخذه عادة فهو من الفواحش .
و إن ترك إتيان الجماعة لغيرها فهو من الصغائر فإن اتخذ ذلك عادة و قصد به مباينة الجماعة و الانفراد عنهم فذلك كبيرة و إن اتفق على ذلك أهل قرية أو أهل بلد فهو من الفواحش .
و منع الزكاة كبيرة و رد السائل صغيرة فإن اجتمع على منعه أو كان المنع من واحد إلا أنه زاد على المنع الانتهار و الاغلاظ فذلك كبيرة و هكذا إن رأى محتاج رجلا موسعا على الطعام فرآه فتاقت إليه نفسه فسأله منه فرده فذلك كبيرة .
قال و الأصل في هذا الباب أن كل محرم بعينه منهي عنه لمعنى في نفسه فإن تعاطيه على وجه يجمع وجهين أو أوجها من التحريم فاحشة و تعاطيه على وجه يقصر به عن رتبة المنصوص أو تعاطي ما دون المنصوص الذي لا يستوفي معنى المنصوص أو تعالي المنصوص الذي نهى عنه لأن لا يكون ذريعة إلى غيره فهذا كله من الصغائر .
و تعاطي الصغير على وجه يجمع وجهين أو أوجها من التحريم كبيرة و مثال ذلك موجود فيما مضى ذكره و أعاده ها هنا و زاد فيما ذكره من الذريعة أن يدل رجلا على مطلوب ليقتل ظلما أو يحضره سكينا و هذا يحرم لقوله : .
{ و لا تعاونوا على الإثم و العدوان } .
لكنه من الصغائر لأن النهي عنه لئلا يكون ذريعة للظالم للتمكن من ظلمه و كذلك سؤال الرجل لغيره الذي لا يلزمه طاعة أن يقتل آخر ليس من الكبائر لأنه ليس فيه إلا إرادة هلاكه من غير أن يكون معها فعل و الله أعلم .
قال البيهقي C : وقد نجد اسم الفاحشة واقعا على الزنا و إن لم ينضم إليه زيادة حرمة لكنه لما رأى الله عز و جل فرق بين الكبائر و الفواحش في الذكر فرق هو أيضا بينهما فكل ما كان أفحش ذكرا جعله زائدا على الكبيرة و الله أعلم .
و قد فسر مقاتل بن سلميان : الكبائر بكل ذنب ختم بالنار و الفواحش ما يقام فيه الحد في الدنيا و قد دل كلام الحليمي C و غيره من الأئمة على أن الإصرار عليها الصغيرة كبيرة .
و قد وردت أخبار و حكايات على التحريض على اجتناب الصغائر خوفا من الإصرار عليها فتصير من الكبائر