خلق .
- الخلق أصله : التقدير المستقيم ويستعمل في إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء قال : { خلق السموات والأرض } [ الأنعام / 1 ] أي : أبدعهما بدلالة قوله : { بديع السموات والأرض } [ البقرة / 117 ] ويستعمل في إيجاد الشيء من الشيء نحو : { خلقكم من نفس واحدة } [ النساء / 1 ] { خلق الإنسان من نطفة } [ النحل / 4 ] { خلقنا الإنسان من سلالة } [ المؤمنون / 12 ] { ولقد خلقناكم } [ الأعراف / 11 ] { خلق الجان من مارج } [ الرحمن / 15 ] وليس الخلق الذي هو الإبداع إلا لله تعالى ولهذا قال في الفصل بينه تعالى وبين غيره : { أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون } [ النحل / 17 ] وأما الذي يكون بالاستحالة فقد جعله الله تعالى لغيره في بعض الأحوال كعيسى حيث قال : { وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني } [ المائدة / 110 ] والخلق لا يستعمل في كافة الناس إلا على وجهين : أحدهما في معنى التقدير كقول الشاعر : .
- 149 - فلأت تفري ما خلقت وبع ... ض القوم يخلق ثم لا يفري ( البيت لزهير من قصيدة مطلعها : .
لمن الديار بقنة الحجر ... أقوين من حجج ومن شهر .
وهو في ديوانه ص 29 وديوان الأدب 2 / 123 ) .
والثاني : في الكذب نحو قوله : { وتخلقون إفكا } [ العنكبوت / 17 ] إن قيل : قوله تعالى : { فتبارك الله أحسن الخالقين } [ المؤمنون / 14 ] يدل على أنه يصح أن يوصف غيره بالخلق ؟ قيل : إن ذلك معناه : أحسن المقدرين أو يكون على تقدير ما كانوا يعتقدون ويزعمون أن غير الله يبدع فكأنه قيل : فاحسب أن ههنا مبدعين وموجدين فالله أحسنهم إيجادا على ما يعتقدون كما قال : { خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم } [ الرعد / 16 ] { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } [ النساء / 119 ] فقد قيل : إشارة إلى ما يشوهونه من الخلقة بالخصاء ونتف اللحية وما يجري مجراه وقيل معناه : يغيرون حكمه وقوله : { لا تبديل لخلق الله } [ الروم / 30 ] فإشارة إلى ما قدره وقضاه وقيل معنى : { لا تبديل لخلق الله } نهى أي : لا تغيروا خلقه الله وقوله : { وتذرون ما خلق لكم ربكم } [ الشعراء / 166 ] فكناية عن فروج النساء ( قال مجاهد في الآية : تركتم أقبال النساء إلى أدبار الرجال وأدبار النساء . راجع : الدر المنثور 6 / 317 ) . وكل موضع استعمل الخلق في وصف الكلام فالمراد به الكذب ومن هذا الوجه امتنع كثير من الناس من إطلاق لفظ الخلق على القرآن ( قال السمين : قوله هذا يشعر بأن لا مانع من إطلاق الخلق على القرآن إلا ذلك وليس الأمر كذلك بل القرآن كلامه غير مخلوق . انظر عمدة الحفاظ : خلق ) وعلى هذا قوله تعالى : { إن هذا إلا خلق الأولين } [ الشعراء / 137 ] وقوله : { ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق } [ ص / 7 ] [ والخلق يقال في معنى المخلوق والخلق والخلق في الأصل واحد كالشرب والشرب والصرم والصرم لكن خص الخلق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر وخص بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة ] ( ما بينا القوسين ذكره المؤلف في الذريعة ص 39 ) . قال تعالى : { وإنك لعلى خلق عظيم } [ القلم / 4 ] وقرئ : { إن هذا إلا خلق الأولين } ( سورة الشعراء : آية 137 ، وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وأبو جعفر والكسائي . انظر : الإتحاف ص 333 ) . والخلاق : ما اكتسبه الإنسان من الفضيلة بخلقه قال تعالى : { ما له في الآخرة من خلاق } [ البقرة / 102 ] وفلان خليق بكذا أي : كأنه مخلوق فيه ذلك كقولك : مجبول على كذا أو مدعو إليه من جهة الخلق . وخلق الثوب وأخلق وثوب خلق ومخلق وأخلاق نحو حبل أرمام وأرمات وتصور من خلوقة الثوب الملامسة فقيل : جبل أخلق وصخرة خلقاء وخلقت الثوب : ملسته واخلولق السحاب منه أو من قولهم : هو خليق بكذا والخلوق : ضرب من الطيب