بغى .
- البغي : طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى تجاوزه أم لم يتجاوزه فتارة يعتبر في القدر الذي هو الكمية وتارة يعتبر في الوصف الذي هو الكيفية يقال : بغيت الشيء : إذا طلبت أكثر ما يجب وابتغيت كذلك قال الله D : { لقد ابتغوا الفتنة من قبل } [ التوبة / 48 ] وقال تعالى : { يبغونكم الفتنة } [ التوبة / 47 ] . والبغي على ضربين .
- أحدهما محمود وهو تجاوز العدل إلى الإحسان والفرض إلى التطوع .
- والثاني مذموم وهو تجاوز الحق إلى الباطل أو تجاوزه إلى الشبه كما قال E : ( الحق بين والباطل بين وبين ذلك أمور مشتبهات ومن رتع حول الحمى أوشك أن يقع فيه ) ( الحديث يروى عن النعمان بن بشير يقول : سمعت رسول الله A يقول : ( الحلال بين الحرام بين وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لعرضه ودينه ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ) . وهذه الرواية الصحيحة والحديث أخرجه البخاري في الإيمان ( انظر فتح الباري 1 / 116 ) ومسلم في المساقاة رقم ( 1599 ) ) ولأن البغي قد يكون محمودا ومذموما قال تعالى : { إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق } [ الشورى / 42 ] فخص العقوبة ببغية بغير الحق .
وأبغيتك : أعنتك على طلبه وبغى الجرح : تجاوز الحد فس فساده وبغت المرأة بغاء : إذا فجرت وذلك لتجاوزها إلى ما ليس لها . قال D : { ولا تكرههوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا } [ النور / 33 ] وبغت السماء : تجاوزت في المطر حد المحتاج إليهن وبغى : تكبر وذلك لتجاوزه منزلته إلى ما ليس له ويستعمل ذلك في أي أمر كان . قال تعالى : { يبغون في الأرض بغير الحق } [ الشورى / 42 ] وقال تعالى : { إنما بغيكم على أنفسكم } [ يونس / 23 ] { ثم بغى عليه لينصرنه الله } [ الحج / 60 ] { إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم } [ القصص / 76 ] وقال : { بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي } [ الحجرات / 9 ] فالبغي في أكثر المواضع مذموم وقوله : { غير باغ ولا عاد } [ البقرة / 173 ] أي : غير طالب ما ليس له طلبه ولا متجاوز لما رسم له .
قال الحسن : غير متناول للذة ولا متجاوز سد الجوعة ( ومثله عن الشعبي والنخعي قالا : إذا اضطر إلى الميتة أكل منها قدر ما يقيمه . راجع الدر المنثور 1 / 408 ) .
وقال مجاهد C : غير باغ على إمام ولا عاد في المعصية طريق الحق ( أخرج هذا عن مجاهد البيهقي في المعرفة والسنن وابن أبي شيبة وابن المنذر وغيرهم . انظر : الدر المنثور 1 / 408 ) .
وأما الابتغاء فقد خص بالاجتهاد في الطلب فمتى كان الطلب لشيء محمود فالابتغاء فيه محمود نحو : { ابتغاء رحمة من ربك } [ الإسراء / 28 ] و { ابتغاء وجه ربه الأعلى } [ الليل / 20 ] وقولهم : ينبغي مطاوع بغى . فإذا قيل : ينبغي أن يكون كذا ؟ فيقال على وجهين : أحدهما ما يكون مسخرا للفعل نحو : النار ينبغي أن تحرق الثوب والثاني : على معنى الاستئهال نحو : فلان ينبغي أن يعطى لكرمه وقوله تعالى : { وما علمناه الشعر وما ينبغي له } [ يس / 69 ] على الأول فإن معناه لا يتسخر ولا يتسهل له ألا ترى أن لسانه لم يكن يجري به وقوله تعالى : { وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي } [ ص / 35 ]