قول .
- القول والقيل واحد . قال تعالى : { ومن أصدق من الله قيلا } [ النساء / 122 ] والقول يستعمل على أوجه : .
أظهرها أن يكون للمركب من الحروف المبرز بالنطق مفردا كان أو جملة فالمفرد كقولك : زيد وخرج . والمركب زيد منطلق وهل خرج عمرو ونحو ذلك وقد يستعمل الجزء الواحد من الأنواع الثلاثة أعني : الاسم والفعل والأداة قولا كما قد تسمى القصيدة والخطبة ونحوهما قولا .
الثاني : يقال للمتصور في النفس قبل الإبراز باللفظ : قول فيقال : في نفسي قول لم أظهره . قال تعالى : { ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله } [ المجادلة / 8 ] . فجعل ما في اعتقادهم قولا .
الثالث : للاعتقاد نحو فلان يقول بقول أبي حنيفة .
الرابع : يقال للدلالة على الشيء نحو قول الشاعر : .
- 377 - امتلأ الحوض وقال قطني ... ( الرجز لم يعرف قائله وتتمته : .
مهلا رويدا قد ملأت بطني .
وهو في اللسان ( قول ) والخصائص 1 / 23 والمحكم 6 / 347 ) .
الخامس : يقال للعناية الصادقة بالشيء كقولك : فلان يقول بكذا .
السادس : يستعمله المنطقيون دون غيرهم في معنى الحد فيقولون : قول الجوهر كذا وقول العرض كذا أي : حدهما .
السابع : في الإلهام نحو : { قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب } [ الكهف / 86 ] فإن ذلك لم يكن بخطاب ورد عليه فيما روي وذكر بل كان ذلك إلهاما فسماه قولا .
وقيل في قوله : { قالتا أتينا طائعين } [ فصلت / 11 ] إن ذلك كان بتسخير من الله تعالى لا بخطاب ظاهر ورد عليهما وكذا قوله تعالى : { قلنا يا نار كوني بردا وسلاما } [ الأنبياء / 69 ] وقوله : { يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم } [ آل عمران / 167 ] فذكر أفواههم تنبيها على أن ذلك كذب مقول لا عن صحة اعتقا كما ذكر في الكتابة باليد ( النقل هذا حرفيا في البصائر 4 / 304 ) فقال تعالى : { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله } [ البقرة / 79 ] وقوله : { لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون } [ يس / 7 ] أي : علم الله تعالى بهم وكلمته عليهم كما قال تعالى : { وتمت كلمة ربك } [ الأعراف / 137 ] وقوله : { إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون } [ يونس / 96 ] وقوله : { ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون } [ مريم / 34 ] فإنما سماه قول الحق تنبيها على ما قال : { إن مثل عيسى عند الله } [ آل عمران / 59 ] ( الآية : { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون } ) إلى قوله : { ثم قال له كن فيكون } وتسميته قولا كتسميته كلمة في قوله : { وكلمته ألقاها إلى مريم } [ النساء / 171 ] وقوله : { إنكم لفي قول مختلف } [ الذاريات / 8 ] أي : لفي أمر من البعث فسماه قولا فإن المقول فيه يسمى قولا كما أن المذكور يسمى ذكرا وقوله : { إنه لقول رسول كريم ... وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون } [ الحاقة / 40 - 41 ] فقد نسسب القول إلى الرسول وذلك أن القول الصادر إليك عن الرسول يبلغه إليك عن مرسل له فيصح أن تنسبه تارة إلى الرسول وتارة إلى المرسل وكلاهما صحيح .
فإن قيل : فهل يصح على هذا أن ينسب الشعر والخطبة إلى راويهما كما تنسبهما إلى صانعهما ؟ قيل : يصح أن يقال للشعر : هو قول الراوي . ولا يصح أن يقال هو : شعره وخطبته لأن الشعر يقع على القول إذا كان على صورة مخصوصة وتلك الصورة ليس للراوي فيها شيء . والقول هو قول الراوي كما هو قول المروي عنه . وقوله تعالى : { إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون } [ البقرة / 156 ] لم يرد به القول المنطقي فقط بل أراد ذلك إذا كان معه اعتقاد وعمل . ويقال للسان : المقول ورجل مقول : منطيق وقوال وقوالة كذلك . والقيل : الملك من ملوك حمير سموه بذلك لكونه معتمدا على قوله ومقتدى به ولكونه متقيلا لأبيه . ويقال : تقيل فلان أباه وعلى هذا النحو سموا الملك بعد الملك تبعا وأصله من الواو لقولهم في جمعه : أقوال نحو : ميت وأموات والأصل قيل نحو : ميت أصله : ميت فخفف . وإذا قيل : أقيال فذلك نحو : أعياد وتقيل أباه نحو : تعبد واقتال قولا : قال ما اجتر به إلى نفسه خيرا أو شرا . ويقال ذلك في معنى احتكم قال الشاعر : .
- 378 - تأبى حكومة المقتال .
( البيت : .
ولمثل الذي جمعت من العد ... ة تأبى حكومة المقتال .
وهو للأعشى من قصيدة يمدح بها الأسود بن المنذر اللخمي ومطلعها : .
ما بكاء الكبير بالأطلال ... وسؤالي فهل ترد سؤالي .
وهو في ديوانه ص 168 واللسان ( قال ) والمعاني الكبير 2 / 924 ) والقال والقالة : ما ينشر من القول . قال الخليل : يوضع القال موضع القائل ( وعبارة الخليل : والقالة تكون في موضع القائلة كما قال بشار : ( أنا قالها ) .
أي : قائلها . انظر : العين 5 / 213 ) . فيقال : أنا قال كذا أي : قائله