[ 15 ] والغرض من هذا البحث ايقاف القارئ على التمييز بين العلمين لاختلاف الاغراض الباعثة إلى تدوينهما بصورة علمين متمايزين، والحيثيات الراجعة إلى الموضوع، المبينة لاختلاف الاهداف، فنقول: ان الفرق بين العلمين يمكن بأحد وجوه على سبيل مانعة الخلو: 1 العلمان يتحدان موضوعا ولكن الموضوع في كل واحد يختلف بالحيثية، فالشخص بما هو راو وواقع في سند الحديث، موضوع لعلم الرجال، وبما أن له دورا في حقل العلم والاجماع والادب والسياسة والفن والصناعة، موضوع لعلم التراجم. نظير الكلمة العربية التي من حيث الصحة والاعتلال موضوع لعلم الصرف، ومن حيث الاعراب والبناء موضوع لعلم النحو. ولاجل ذلك يكون الموضوع في علم الرجال هو شخص الراوي وان لم تكن له شخصية اجتماعية، بخلاف التراجم فإن الموضوع فيه، الشخصيات البارزة في الاجتماع لجهة من الجهات. 2 العلمان يتحدان موضوعا ويختلفان محمولا، فالمحمول في علم الرجال وثاقة الشخص وضعفه، وأما التعرف على طبقته وعلى مشايخه وتلاميذه ومقدار رواياته كثرة وقلة، فمطلوب بالعرض والبحث عنها لاجل الوقوف على المطلوب بالذات وهو تمييز الثقة الضابط عن غيره، إذ الوقوف على طبقة الشخص والوقوف على مشايخه والراوين عنه خير وسيلة لتمييز المشتركين في الاسم، ولا يتحقق التعرف على الثقة الا به. كما أن الوقوف على مقدار رواياته ومقايسة ما يرويه مع ما يرويه غيره من حيث اللفظ والمعنى، سبب للتعرف على مكانة الراوي من حيث الضبط. أما المطلوب في علم التراجم فهو التعرف على أحوال الاشخاص لا من حيث الوثاقة والضعف، بل من حيث دورهم في حقل العلم والادب والفن والصناعة من مجال السياسة والاجتماع وتأثيره في الاحداث والوقائع إلى غير ذلك مما يطلب من علم التراجم. ________________________________________