[ 8 ] ومن أجل هذه العاصفة الهوجاء التى أثيرت علينا رأينا أن نعيد النظر في دراسة تاريخ (شيخ المضيرة) (1) من جميع نواحيه دراسة مستفيضة شاملة، حتى تبدو للناس شخصية هذا الصحابي المشهور على حقيقتها، وتتضح لهم على وجهها - فرجعنا إلى ما بين أيدينا من المصادر الموثوق بها عند أهل السنة - وقد اعتمدنا عليها وحدها في هذه الدراسة ولم نرجع إلى غيرها، حتى لا يرمينا غبى جاهل بالتشيع ويقول: إنه يأتينا بكلام لا نعرفه، ولا نثق به ! وكذلك عدنا إلى ما كنا قد احتجناه لدينا من المواد التى استخرجناها من بطون هذه الكتب أثناء دراستنا الطويلة لموضوع كتابنا الكبير، تلك الدراسة التى استغرقت أكثر من خمس عشرة سنة، ولم ننشر كل ما فيها في الطبعة الاولى مراعاة للاختصار، وإشفاقا على من لا يحتملون صولة الحق من أن يصيب عقولهم وعقائدهم مس ! إذا نحن فاجأناهم بكل ما لا يفهمون ! وما لا يعقلون ! ! رجعنا إلى كل ذلك لنسوى منه بحثا كاملا مستوفى لتاريخ أبى هريرة، غير مبالين أن يطول هذا البحث أو يقصر، لان موضوعه خطير، والكلام فيه ليس بالسهل اليسير، وقد نهجت فيه منهجا واضحا مستقيما، - وهو سبيل المؤرخ الذى يتحرى الصدق والامانة مبتغيا بعمله وجه الله ورضا العلم، وأداء حق التاريخ، فإذا هو انحرف عن هذا الصراط المستقيم، ومال به عن النهج القويم، ضل وغوى. هذا هو منهجي الذى اتخذته في كتابي هذا وفى غيره، ولا يعنينى بعد ذلك أن يغضب على زيد، أو يرضى عنى عمرو. ولا أكتم القراء أنه منهج شاق عسير، ولكني استعذبته ورضيت به مغتبطا لانه سبيل الحق، وليس بعد الحق إلا الضلال، وقد استعنت الله فيه فأعاننى، واستهديته فهداني. وما كدت أفرغ من بحثي هذا حتى رأيته قد امتد وطال فبلغت صفحاته حوالى خمسين ومئة صفحة (2) على حين أنه كان في الاصل لا يتجاوز خمسين صفحة. ________________________________________ (1) راجع ص 86 من كتاب (المضاف والمنسوب) للثعالبي لتقرأ ما قاله في هذه المضيرة التى نهم أبو هريرة فيها، واشتهر ذلك عنه حتى جعلوه (شيخا لها) وسيقابلك نبأ ذلك في هذا الكتاب. (2) استغرقت هذه الصفحات في الطبعة الاولى 193 صفحة وستزيد في هذه الطبعة على الطبعة الاولى كثيرا. (*) ________________________________________