[ 23 ] على أن هؤلاء المستشرقين الذين تنحطون عليهم وترمونهم دائما بأنهم يطعنون في ديننا ويشوهون ديننا وعلمنا هم في الحقيقة لم يتجنوا علينا ولم يفتروا شيئا من عند أنفسهم، وإنما وجدوا مادة خصبة من الخرافات والاوهام قد أنبثت في ديننا ونسب بعضها - واأسفاه - إلى النبي صلى الله عليه وآله فتشبثوا بها وتسلقوا عليها وانتقدونا من أجلها، ولا تثريب عليهم في ذلك. لانهم قوم يفهمون بعقول راجحة وأذهان مستنيرة وعلوم واسعة وأفكار متحررة لا يكبلهم شئ من تقليد أو عبادة للاسلاف، ولا يعرفون عبارة (قال المصنف رحمه الله !) من أجل ذلك لا تلوموهم ولوموا أنفسكم. ثم اجعلوا ردكم عليهم وصدكم لهجومهم أن تعمدوا إلى دينكم فتمحصوه وتطهروه من الشوائب التى لحقت به حتى يعود كما جاء على لسان محمد صلى الله عليه وآله دينا قيما صافيا يتبين منه لاهل هذا العصر ومن يأتي بعدهم إلى يوم الدين أنه دين العقل والعلم والحرية والفكر. هذا هو ما يجب عليكم إن كنتم تستطيعون، أما طريقتكم هذه التى تتبعونها من الطعن فيهم في كل مناسبة ونبز كل من يتكلم بكلمة الحق أنه يساعدهم فهذا ليس بسبيل العلماء المحققين الذين يعرفون قدر أنفسهم، ولو أنكم قد فهمتم كتابنا كما يجب أن يفهمه العلماء المحققون لتبين لكم أن الامر فيه بعكس ما تظنون، ذلك أن من أغراضه الواضحة أنه يصحح للمستشرقين وغير المستشرقين من المسلمين ما قد يوجد في بعض الاحاديث من شبهات أو مشكلات فيحيل وزرها على الذين أتوا بها من الرواة وينزه النبي صلى الله عليه وآله عن قولها، مثل حديث: أين تذهب الشمس بعد الغروب، الذى قالوا فيه: إن إسناده جيد، ذلك الذى يضحك الاطفال لانه يخالف دليل العلم وشاهد الحس، إذ يفيد أن الشمس عندما تغرب تصعد إلى عرش الرحمن فتسجد تحته ثم تستأذن ربها في الطلوع في اليوم الثاني فلا يؤذن لها، وتظل تستأذن حتى يجيئها الاذن فيجرها سبعون ألف ملك من المغرب إلى المشرق لكى تطلع على الناس في اليوم الثاني ! ومثل حديث خلق الله التربة يوم السبت الذى صرح فيه أبو هريرة بأنه تلقاه عن النبي صلى الله عليه وآله ويده في يده ! ثم تبين للعلماء أنه قد تلقاه عن كعب الاحبار اليهودي - وهذا الحديث مخالف لنص القرآن الكريم. والامثلة على ذلك كثيرة بيناها في كتابنا هذا وفى كتاب الاضواء ________________________________________