[ 18 ] برهان على صحته - كما قال تعالى: " قل هاتوا برهانكم، إن كنتم صادقين وإن برهان هذا الادعاء أن يأتي مصداقه بالفعل الثابت لا بالكلام الذى لا حقيقة له ولا جدوى منه ! ذلك بأن يرى الناس بأعينهم ما كتب في العهد المدنى، ويقفوا على رصيده أو حصيده منشورا عليهم لكى يتبعوه، ويذروا غيره ! من مصادر الحديث الموجودة بين أيدى المسلمين، وهى كثيرة لا عداد لها ! ومن وراء ذلك كله دليل قوى يثبت أن النهى قد جاء الامر به وهو بالمدينة لا بمكة، وهذا دليل لا يعقله إلا العالمون، ذلك أن الحديث الذى حمل نهى النبي صلى الله عليه وآله عن كتابة غير القرآن قد رواه أبو سعيد الخدرى عن النبي صلى الله عليه وآله واتبعه الصحابة جميعا وعملوا به - هو أنصارى خزرجي مدنى، لا قرشي مكى (1) ! ! أفهمت يا مولانا ! أما الشطر الآخر من شطحة مولانا الشيخ الذى زعم فيه أن النبي صلى الله عليه وآله قد أباح كتابة الحديث في العهد المدنى فهذا لا ندفعه ولا نمارى فيه - وكل ما نطلبه، أنه لكى يتبين صحته، ويبدو صوابه أن نرى كما قلنا مصداقه بالحس والعيان، لا بالزعم والبهتان، وذلك فيما كتب من الاحاديث في هذا العهد فليأتوا لنا به إن كانوا صادقين ! هذا هو البرهان الصحيح - وما عداه يكون لغوا لا خير فيه. ولا يعول عليه. ومن المعلوم الذى لا ريب فيه أنه صلى الله عليه وآله قد قضى بالمدينة عشرة أعوام كاملة أي نحو 3500 يوم فلو أنه صلوات الله عليه قد صدر عنه في كل يوم ثلاثة أحاديث فقط لجاءنا من ذلك مصحف ضخم يحتوى على أكثر من عشرة آلاف حديث تكون كلها، لا ريب، صحيحة متواترة لفظا ومعنى، ويكون هذا المقدار أو نصفه أجدى وأنفع للمسلمين من هذه السبعمائة ألف حديث التى قالوا: إنها رويت عن النبي صلى الله عليه وآله وإن أبا زرعه قد حفظها، ولرجع المسلمون كافة إليها في مشارق الارض ومغاربها ولا عتمدوا المصحف الذى يضمها ليعرفوا منه الحديث النبوى، كما اعتمدوا مصحف القرآن لمعرفة ________________________________________ (1) هو من مشهورى الصحابة ولم يكن أحد منهم أفقه منه، وكان يكثر من الحديث. (*) ________________________________________