[ 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم هذه دراسة لحياة صحابي روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله فأكثر حتى أفرط وروت عنه صحاح الجمهور وسائر مسانيدهم فأكثرت حتى أفرطت أيضا، ولا يسعنا ازاء هذه الكثرة المزدوجة إلا أن نبحث عن مصدرها لاتصالها بحياتنا الدينية والعقلية اتصالا مباشرا ولو لا ذلك لتجاوزناها وتجاوزنا مصدرها إلى ما يغنينا عن تجشم النظر فيها وفيه. ولكن اسلات هذه الكثرة قد استفاضت في فروع الدين واصوله فاحتاج بها فقهاء الجمهور ومتكلموهم في كثير من أحكام الله عزوجل وشرائعه ملقين إليها سلاح النظر والتفكير. ولا عجب منهم في ذلك بعد بنائهم على اصالة العدالة في الصحابة اجمعين. وحيث لا دليل على هذا الاصل (كما هو مبين في محله بايضاح) لم يكن لنا بد من البحث عن هذا المكثر نفسه وعن حديثه كما وكيفا لنكون على بصيرة فيما يتعلق من حديثه بأحكام الله فروعا واصولا وهذا ما اضطرنا إلى هذه الدراسة الممعنة في حياة هذا الصحابي (وهو أبو هريرة) وفي نواحي حديثه وقد بالغت في الفحص وأغرقت في التنقيب حتى أسفر وجه الحق في كتابي هذا وظهر فيه صبح اليقين والحمد لله رب العالمين. أما أبو هريرة نفسه فنحيلك الآن في تاريخ حياته وتحليل نفسيته على ما ستقف عليه في الكتاب، إذ مثلناه بكنهه وحقيقته من جميع نواحيه تمثيلا تاما تدركه بحواسك كلها والحمد لله على التوفيق. وأما حديثه فقد أمعنا النظر فيه كما وكيفا فلم يسعنا - شهد الله - إلا ________________________________________