الأمر وتربية المهابة ما لا يخفي ووجه تقديم الغيب في الذكر لسعة عالمه وزيادة خطره على الشهادة غني عن البيان وقيل إن الموجودات الغائبة عن الحواس علل أو كالعلل للموجودات المحسوسة والعلم بالعلل علة للعلم بالمعلولات فوجب سبق العلم بالغيب على العلم بالشهادة وعن ابن عباس Bهما الغيب ما يسرونه من الأعمال والشهادة ما يظهرونه كقوله تعالى يعلم ما يسرون وما يعلنون فالتقديم حينئذ لتحقيق أن نسبة علمه المحيط بالسر والعلن واحدة على أبلغ وجه وآكده لا لإيهام أن علمه سبحانه بما يسرونه أقدم منه بما يعلنونه كيف لا وعلمه سبحانه بمعلوماته منزه عن أن يكون بطريق حصول الصورة بل وجود كل شيء وتحققه في نفسه علم بالنسبة إليه تعالى وفي هذا المعنى لا يختلف الحال بين الأمور البارزة والكامنة وإما للإيذان بأن رتبة السر متقدمة على رتبة العلن إذ ما من شيء يعلن إلا وهو أو مباديه القريبة أو البعيدة مضمر قبل ذلك في القلب فتعلق علمه تعالى به في حالته الأولى متقدم على تعلقه به في حالته الثانية .
فينبئكم عقيب الرد الذي هو عبارة عن الأمر الممتد إلى يوم القيامة .
بما كنتم تعملون قبل ذلك في الدنيا والمراد بالتنبئة بذلك الجزاء بحسبه إن خيرا فخير وإن شرا فشر فهو وعد ووعيد .
سورة براءة آية 106 107 .
وآخرون عطف على آخرون قبله أي ومن المتخلفين من أهل المدينة ومن حولها من الأعراب قوم آخرون غير المعترفين المذكورين .
مرجون وقرئ مرجئون من أرجيته وأرجأته أي أخرته ومنه المرجئة الذين لا يقطعون بقبول التوبة .
لأمر الله في شأنهم قال ابن عباس Bهما هم كعب بن مالك ومرارة ابن الربيع وهلال بن أمية لم يسارعوا إلى التوبة والاعتذار كما فعل أبو لبابة وأصحابه من شد أنفسهم على السواري وإظهار الغم والجزع والندم على ما فعلوا فوقفهم رسول الله A ونهى أصحابه عن أن يسلموا عليهم ويكلموهم وكانوا من أصحاب بدر فهجروهم والناس في شأنهم على اختلاف فمن قائل هلكوا وقائل عسى الله أن يغفر لهم فصاروا عندهم مرجئين لأمره تعالى .
إما يعذبهم إن بقوا على ما هم عليه من الحال وقيل إن أصروا على النفاق وليس بذاك فإن المذكورين ليسوا من المنافقين .
وإما يتوب عليهم إن خلصت نيتهم وصحت توبتهم والجملة في محل النصب على الحالية أي منهم هؤلاء إما معذبين وإما متوبا عليهم وقيل آخرون مبتدأ ومرجون صفته وهذه الجملة خبره .
والله عليم بأحوالهم .
حكيم فيما فعل بهم من الإرجاء وما بعده وقريء والله غفور رحيم .
والذين اتخذوا مسجدا عطف على ما سبق أي ومنهم الذين أو نصب على الذم وقرئ بغير واو لأنها قصة على حيالها .
ضرارا أي مضارة للمؤمنين وانتصابه على أنه مفعول له أو مفعول ثان لاتخذوا أو على أنه مصدر مؤكد لفعل مقدر منصوب على الحالية أي يضارون بذلك ضرارا أو على أنه مصدر بمعنى الفاعل وقع حالا من ضمير اتخذوا أي مضارين