8 - الأعراف آية 184 .
وأحكامه لا نفسه كما يلوح به تغيير التعبير بتوحيد الضمير مع ما فيه من الافتنان المنبىء عن مزيد الاعتناء بمضمون الكلام لابتنائه على تجديد القصد والعزيمة وأما إن ذلك للإشعار بأنه بمحض التقدير الإلهي والاستدراج بتوسط المدبرات فمبناه دلالة نون الفظيعة على الشركة وأنى ذلك وإلا لاحترز عن إيرادها في قوله تعالى ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم الآية بل إنما إيرادها في أمثال هذه الموارد بطريق الجريان على سنن الكبرياء إن كيدي متين تقرير للوعيد وتأكيد له أي قويلا يدافع بقوة ولا بحيلة والمراد به إما الاستدراج والإملاء مع نتيجتهما التي هي الأخذ الشديد على غرة فتسميته كيدا لما أن ظاهره لطف وباطنه قهو وإما نفس ذلك ألخذ فقط فالتسمية لكون مقدماته كذلك وأما أن حقيقة الكيد هو الأخذ على خفاء من غير أن يعتبر فيه إظهار خلاف ما أبطنه فمما لا تعويل عليه مع عدم مناسبته للمقام ضرورة استدعائه لاعتبار القيد المذكور حتما أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة كلام مبتدأ مسوق لإنكار عدم تفكرهم في شأنه وجعلهم بحقيقة حاله الموجبة للإيمان به وبما أنزل عليه من الآيات التي كذبوا بها والهمزة للإنكار والتعجيب والتوبيخ والواو للعطف على مقدر يستدعيه سياق النظم الكريم وسياقه وما إما استفهامية إنكارية في محل الرفع بالابتداء والخبر بصاحبهم وإما نافية اسمها جنة وخبرها بصاحبهم والجنة من المصادر التي يراد بها الهيئة كالركبة والجلسة وتنكيرها للتقليل والتحقير والجملة معلقة فعل التفكر لكونه من أفعل القلوب ومحلها على الوجهين النصب على نزع الجار أي أكذبوا بها ولم يتفكروا في أي شيء من جنون ما كائن بصاحبهم الذي هو أعظم الأمة الهادية بالحق وعليه أنزلت الآيات أوفى أنه ليس بصاحيهم شيء من جنة حتى يؤديهم التفكر في ذلك إلى الوقوف على صدقه وصحة نبوته فيؤمنوا به وبما أنزل عليه من الآيات وقيل قد تم الكلام عند قوله تعالى أولم يتفكروا أي أكذبوا بها ولم يفعلوا التفكر ثم ابتدىء فقيل أي شيء بصاحبهم من جنة ما على طريقة الإنكار والتعجيب والتبكيت أو قيل ليس بصاحبهم شيء منها والتعبير عنه بصاحبهم للإيذان بأن طول مصاحبتهم له مما يطلعهم على نزاهته عن شائبة ما ذكر ففيه تأكيد للنكير وتشديد له والتعرض لنفي الجنون عنه مع وضوح استحالة ثبوته له لما أن التكلم بما هو خارقلقضية العقول والعادات لا يصدر إلا عمن به مسن من الجنون كيفما اتفق من غير أن يكون له أصل ومعنى أو عمن له تأييد إلهي يخبر به عن الأمور الغيبية وإذ ليس به شائبة الأول تعين أنه مؤيد من عند الله تعالى وقيل إنه علا الصفات ليلا فجعل يدعو قريضا فخذا فخذا يحذرهم بأس الله تعالى فقال قائلهم إن صاحبكم هذا لمجنون بات يهوت إلى الصباح فنزلت فالتصريح بنفي الجنون حينئذ الرد على عظيمتهم الشنعاء والتعبير عنه بصاحبهم وارد على شاكلة كلامهم مع ما فيه من النكتة المذكورة وقوله تعالى إن هو إلا نذير مبين جملة مقررة لمضمون ما قبلها ومبينة لحقيقة حاله على منهاج قوله تعالى إن هذا إلا ملك كريم بعد قوله تعالى ما هذا بشرا أي ما هو إلا مبالغ في الإنذار مظهر له غاية الإظهار إبراز لكمال الرأفة