الأنعام آية 49 50 .
لما تقرر في موضعه من أن النفي وإن دخل على نفس المضارع يفيد الدوام والاستمرار بحسب المقام الا يرى أن الجملة الاسمية تدل بمعونة المقام على استمرار الثبوت فإذا دخل عليها حرف النفي دلت على استمرار الانتفاء لا على انتفاء الاستمرار كذلك المضارع الخالي عن حرف النفي يفيد استمرار الثبوت فإذا دخل عليه حرف النفي يفيد استمرار الانتفاء لا انتفاء الاستمرار ولا بعد في ذلك فإن قولك ما زيدا ضربت مفيد لاختصاص النفي لا نفي الاختصاص كما بين في محله وقوله D والين كانوا عطف على من آمن دالخل في حكمه قوله تعالى بآياتنا إشارىة إلى أن ما ينطق به الرسل عليهم السلام عند التبشير والإنذار ويبلغونه إلى الأمم ىياته تعالى وأن من آمن به فقد آمن بآياته تعالى ومن كذب به فقد كذب بها وفيه من الترغيب في الإيمان به والتحذير عن تكذيبه ما لا يخفى والمعنى ما نرسل المرسلين إلا ليخبروا أممهم من جهتنا بما سيقع منا من الأمور السارة والضارة لا ليوقعوها استقلالا من تلقاء أنفسهم أو استدعاء من قبلنا حتى يقترحوا عليهم ما يقترحون فإذا كان الأمر كذلك فمن ىمن بما أخبروا به من قبلنا تبشيرا أو إنذارا في ضمن آياتنا وأصلح ما يجب إصلاحه من أعماله أو دخل في الصلاح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا التي بلغوها عند التبشير والإنذار يمسهم العذاب أي العذاب الذي أنذروه عاجلا أو آجلا أو حقيقة العذاب وجنسه المنتظم له انتظاما أوليا بما كانوا يفسقون أي بسبب فسقهم المستمر الذي هو الإصرار على الخروج عن التصديق والطاعة قلا لآ أقول لكم عندي خزائن الله استئناف مبني على ما اسس من السنة الإلهية في شأن إرسال الرسل وإنزال الكتب مسوق لإظهار تبرئه عما يدور عليه مقترحاتهم أي قل للكفرة الذين يقترحون عليك تارة تنزيل الايات وأخرى غير ذلك لا أدعي أن خزائن مقدوراته تعالى مفوضة إلى أتصرف فيهما كيفما شاء استقلالا أو استدعاء حتى تقترحوا على تنزيل الآيات أو إنزال العذاب أو قلب الجبال ذهبا أو غير ذلك مما لا يليق بشأني وجعل هذا تبرؤا عن دعوى الإلهية مما لا وجه له قطعا وقوله تعالى ولا أعلم الغيب عطف على محل عندي خزائن الله أي ولا أدعي أيضا أني أعلم الغيب من أفعاله تعالى حتى تسألوني عن وقت الساعة أو وقت نزول العذاب أو نحوهما ولا اقول لكم إني أملك حتى تكلفوني من الأفاعيل الخارقة للعادات ما لا يطيق به البشر من الرقي في السماء ونحوه أو تعدوا عدم اتصافي بصفاتهم قادحا في أمري كما ينبىء عنه قولهم مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق والمعنى أني لا أدعي شيئا من هذه الأشياء الثلاثة حتنى تقترحوا على ما هو من آثارها وأحكامها وتجعلوا عدم إجابتي إلى ذلك دليلا على عد صحة ما أدعيه من الرسالة التي لا تعلق لها بشيء مما ذكر قطعا بل إنما هي