الأنعام آية 1 .
الآية فإن كل واحد من هذه الظروف إما متعلق بنفس الجعل أو بمحذوف وقع حالا من مفعوله تقدمت عليه لكونه نكرة وايا ما كان فهو قيد في الكلام حتى إذا اقتضى الحال وقوعه عمدة فيه يكون الجعل متعديا إلى اثنين هو ثانيهما كما في قوله تعالى يجعلون أصابعهم في آذانهم وربما يشتبه الأمر فيظن أنا عمدة فيه وهو في الحقيقة قيد بأحد الوجهين كما سلف في قوله تعالى إني جاعل في الأرض خليفة حيث قيل إن الظرف مفعول ثان لجاعل وقد أشير هناك إلى أ الذي يقضي به الذوق السليم وتقتضيه جزالة النظم الكريم أنه متعلق بجاعل أو بمحذوف وقع حالا من المفعول وأن المفعول الثاني هو خليفة وأن الأول محذوف على ما مر تفصيله وجمع الظلمات لظهور كثرة أسبابها ومحالها عند الناس ومشاهدتهم لها على التفصيل وتقديمها على النور لتقدم الإعدام على الملكات مع ما فيه من رعاية حسن المقابلة بين القرينتين وقوله تعالى ثم الذين كفروا بربهم يعدلون معطوف على الجملة السابقة الناطقة بما مر من موجبات اختصاصه تعالى بالحمد المستدعي لاقتصار العبادة عليه كما حقق في تفسير الفاتحة الكريمة مسوق لإنكار ما عليه الكفرة واستبعاده من مخالفتهم لمضمونها واجترائهم على ما يقضي ببطلانه بديهة العقول والمعنى أنه تعالى كمختص باستحقاق الحمد والعبادة باعتبار ذاته وباعتبار ما فصل من شئونه العظيمة الخاصة به الموجبة لقصر الحمد والعبادة عليه ثم هؤلاء الكفرة لا يعملون بموجبه ويعدلون به سبحانه أي يسوون به غيره في العبادة التي هي أقصي غايات الشكر الذي رأسه الحمد مع كون كا ما سواه مخلوقا له غير متصف بشيء من مبادىء الحمد وكلمة ثم لاستبعاد الشرك بعد وضوح ما ذكر من الآيات التكوينية القاضية ببطلانه لا بعد بيانه بالآيات التنويلية والموصول عبارة عن طائفة الكفار جار مجرى الاسم لهام من غير أن يجعل كفرهم بما يجب أن يؤمن به كلا أو بعضا عنوانا للموضوع فإن ذلك مخل باستبعاد ما أسند إليهم من الإشراك والباء متعلقة بيعدلون ووضع الرب موضع ضميرة تعالى لزيادة التشنيع والتقبيح والتقديم لمزيد الاهتمام والمسارعة إلى تحقيق مدار الإنكار والاستبعاد والمحافظة على الفواصل وترك المفعول لظهوره أو لتوجيه الإنكار إلى نفس الفعل يتنزيله منزلة اللازم إيذانا بأنه المدار في الاستبعاد والاستنكار لا خصوصية المفعول هذا هو الحقيق بجزالة التنزيل والخليق بفخامة شأنه الجليل وأما جعل الباء صلة لكفروا على أن يعدلون من العدول والمعنى أن الله حقيق بالحمد على ما خلقه نعمة على العباد ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته فيرده أن كفرهم به تعالى لا سيما باعتبار ربوبيته تعالى لهم اشد شناعة وأعظم جناية من عدولهم عن حمده D ولتحققه مع إغفاله أيضا فجعل أهون الشرين عمدة في الكلام مقصود الإفادة وإخراج أعظمهما مخرج القيد المفروغ عنه مما لا عهد له في الكلام السديد فكيف بالنظم التنزيلي هذا وقد قيل إنه معطوف على خلق اتلسموات والمعنى أنه تعالى خلق ما خلق مما لا يقدر عليه أحد سواه ثم هم يعدلون به سبحانه ما لا يقدر على شيء منه لكن لا على قصد أنه صلة مستقلة ليكون بمنزلة أن يقال الحمد لله الذي عدلوا به بل على أنه داخل تحت الصلة بحيث يكون الكل صلة واحدة كأنه قيل الحمد لله الذي كان منه تلك النعم العظام ثم من الكفرة والكفر وأنت خبير بأن ما ينتظم في سلك الصلة المنبئة عن موجبات حمده عز