166167168 - 8 النساء في بعض الشرائع والأحكام إنما لتفاوت طبقات الأمم في الأحوال التي عليها يدور فلك التكليف فكما أنه سبحانه وتعالى برأهم على أنحاء شتى وأطوار متباينة حسبما تقتضيه الحكمة التكوينية كذلك تعبدهم بما يليق بشأنهم وتقتضيه أحوالهم المتخالفة واستعداداتهم المتغايرة من الشرائع والأحكام حسبما تستدعيه الحكمة التشريعية وراعى في إرسال الرسل وإنزال الكتب وغير ذلك من الأمور المتعلقة بمعاشهم ومعادهم ما فيه مصلحتهم فسؤال تنزيل الكتاب جملة اقتراح فاسد إذ حينئذ تتعاقم التكاليف فيثقل على المكلف قبولها والخروج عن عهدتها وأما التنزيل المنجم الواقع حسب الأمور الداعية إليه فهو أيسر قبولا واسهل امتثالا .
لكن الله يشهد بتخفيف النون ورفع الجلالة وقرئ بتشديد النون ونصب الجلالة وهو استدراك عما يفهم مما قبله كأنهم لما تعنتوا عليه بما سبق من السؤال واحتج عليهم بقوله تعالى إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلخ قيل أنهم لا يشهدون بذلك لكن الله يشهد .
بما أزل إليك على البناء للفاعل وقرئ على البناء للمفعول والباء صلة للشهادة أي يشهد بحقية ما أنزل إليك من القرآن المعجز الناطق بنبوتك وقيل لما نزل قوله تعالى إنا أوحينا إليك قالوا ما نشهد لك بهذا فنزل لكن الله يشهد .
أنزله بعلمه أي ملتبسا بعلمه الخاص الذي لا يعلمه غيره وهو تأليفه على نمط بديع يعجز عنه كل بليغ أو بعلمه بحال من أنزله عليه واستعداده لاقتباس الانوار القدسية أو بعلمه الذي يحتاج إليه الناس في معاشهم ومعادهم فالجار والمجرور على الأولين حال من الفاعل وعلى الثالث من المفعول والجملة في موقع التفسير لما قبلها وقرئ نزله وقوله تعالى .
والملائكة يشهدون أي بذلك مبتدأوخبر والجملة عطف على ما قبلها وقيل حال من مفعول أنزله أي أنزله والملائكة يشهدون بصدقه وحقيته .
وكفى بالله شهيدا على صحة نبوتك حيث نصب لها معجزات باهرة وحججا ظاهرة مغنية عن الاستشهاد بغيرها .
إن الذين كفروا أي بما أنزل الله تعالى وشهد به أو بكل ما يجب الإيمان به وهو داخل فيه دخولا أوليا والمراد بهم اليهود حيث كفروا به .
وصدوا عن سبيل الله وهو دين الإسلام من أراد سلوكه بقولهم ما نعرف صفة محمد في كتابنا وقرئ صدوا مبنيا للمفعول .
قد ضلوا بما فعلوا من الكفر والصد عن طريق الحق .
ضلالا بعيدا لأنهم جمعوا بين الضلال والإضلال ولأن المضل يكون أعرق في الضلال وأبعد من الإقلاع عنه .
إن الذين كفروا أي بما ذكر آنفا .
وظلموا أي محمدا A بإنكار نبوته وكتمان نعوته الجليلة ووضع غيرها مكانها أو الناس بصدهم عما فيه صلاحهم في المعاش والمعاد .
لم يكن الله ليغفر لهم لاستحالة تعلق المغفرة بالكافر .
ولا ليهديهم طريقا