56 - النساء هؤلاء الحاسدين وآبائهم من آمن بما اوتى آل إبراهيم ومنهم من أعرض عنه وأما جعل الضميرين لما ذكر من حديث آل إبراهيم فيستدعى تراخى الاية الكريمة عما قبلها نزولا كيف لا وحكاية إيمانهم بالحديث المذكور وإعراضهم عنه بصيفة الماضى إنما يتصور بعد وقوع الإيمان والإعراض المتأخرين عن سماع الحديث المتأخر عن نزوله وكذا جعلهما رسول الله إذ الظاهر بيان حالهم بعد هذا الإلزام وحملة على حكاية حاهلم السابقة لاتساعده الفاء المرتبة لما بعدها على ما قبلها ولا يبعد كل البعد ان تكون الهمزة لتقرير حسدهم وتوبيخهم بذلك ويكون قوله تعالة فقد آتينا الاية تعليلا له بدلالته على إعراضهم عما أوتى آل إبراهيم وإن لم يذكر كونه بطريق الحسد كأنه قيل بل أيحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ولا يؤمنون به وذلك ديدنهم المستمر فإنا قد آتينا آل إبراهيم ما آتينا فمنهم أى من جنسهم من آمن بما آتيناهم ومنهم من أعرض عنه ولم يؤمن به والله سبحانه أعلم وفيه تسلية لرسول الله .
وكفى بجهنم سعيرا نارا مسعرة يعذبون بها والجملة تذييل لما قبلها .
إن الذين كفروا بآياتنا إن أريد بهم الذين كفروا برسول الله فالمراد بالايات إما القرآن أوما يعم كله وبعضه او ما يعم سائر معجزاته أيضا وان أريد بهم الجنس المتناول لهم تناولا أوليا فالمراد بالايات ما يعم المذكورات وسائر الشواهد التى أوتيها الأنبياء عليهم السلام .
سوف نصليهم نارا قال سيبويه سوف كلمة تذكر للتهديد والوعيد وينوب عنها السين وقد يذكران في الوعد فيفيدان التأكيد اى ندخلهم نارا عظيمة هائلة .
كلما نضجت جلودهم أى احترقت وكلما ظرف زمان والعامل فيه .
بدلناهم جلودا غيرها من قبيل بدله بخوفه أمنا لا من قبيل يبدل الله سئاتهم حسنات أى أعطيناهم مكان كل جلد محترق عند احتراقه جلدا جديدا مغايرا للمحترق صورة وإن كان عينه مادة بأن يزال عنه الاحتراق ليعود إحساسه للعذاب والجملة في محل النصب على أنها حال من ضمير نصليهم وقد جوز كونها لنارا على حذف العائد أى كلما نضجت فيها جلودهم فمعنى قوله تعالى .
ليذوقوا العذاب ليدوم ذوقه ولا ينقطع كقولك لللعزيز أعزك الله وقيل يخلق مكانه جلدا آخر والعذاب للنفس العاصية لا لآلة إدراكها قال ابن عباس رضى الله تعالى عنهما يبدلون جلودا بيضاء كأمثال القراطيس وروى أن هذه الاية قرئت عند عمر رضى الله تعالى عنه فقال للقارئ أعدها فأعادها وكان عنده معاذ بن جبل فقال معاذ عندى تفسيرها يبدل في ساعة مائة مرة فقال عمر رضى الله عنه هكذا سمعت رسول الله يقول وقال الحسن تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة كلما أكلتهم قيل لهم عودوا فيعودون كما كانوا وروى أبو هريرة عن النبى إن بين منكبى الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع وعن أبى هريرة أنه قال قال رسول الله ضرس الكافر أو ناب الكافرمثل احد وغلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام والتعبير عن إدراك العذاب بالذوق ليس لبيان قلته بل