36 - آل عمران .
على الحالية من الموصول فيه نذرت وقيل من ضميره في الصلة والعامل معنى الاستقرار فإنها في قوة ما استقر في بطنى ولا يخفى أن المراد تقييد فعلها بالتحرير ليحصل به التقرب إليه تعالى لا تقييد مالا دخل لها فيه من الاستقرار في بطنها .
فتقبل منى أي ما نذرته والتقبل أخذ الشئ على وجه الرضا وهذا في الحقيقة استدعاء للولد إذ لا يتصور القبول بدون تحقق المقبول بل للولد الذكر لعدم قبول الأنثى .
أنك أنت السميع لجميع المسموعات التى من جملتها تضرعى ودعائي .
العليم بكل المعلومات التي من زمرتها ما في ضميرى لاغير وهو تعليل لاستدعاء القبول لا من حيث أن كونه تعالى سميعا لدعائها عليما بما في ضميرها مصحح للتقبل في الجملة بل من حيث أن علمه تعالى بصحة نيتها وإخلاصها مستدع لذلك تفضلا وإحسانا وتأكيد الجملة لعرض قوة يقينها بمضمونها وقصر صفتى السمع والعلم عليه تعالى لعرض اختصاص دعائها به تعالى وانقطاع حبل رجائها عما عداه بالكلية مبالغة في الضراعة والابتهال .
فلما وضعتها أي ما في بطنها وتأنيث الضمير العائد إليه لما ان المقام يستدعى ظهور أنوثته واعتباره في حيز الشرط إذ عليه يترتب جواب لما أعنى قوله تعالى .
قالت رب إني وضعتها انثى لا على وضع ولد ما كأنه قيل فلما وضعت بنتا قالت الخ وقيل تأنيثه لأن ما في بطنها كان أنثى في علم الله تعالى او لأنه مؤول بالحبلة أو النفس أو النسمة وأنت خبير بأن اعتبار شئ مما ذكر في حيز الشرط لا يكون مدارا لترتب الجواب عليه وقوله تعالى أنثى حال مؤكدة من الضمير أو بدل منه وتأنيثه للمسارعة إلى عرض ما دهمها من خيبة الرجاء أو لما مر من التأويل بالحبلة أو النسمة فالحال حينئذ مبينة وإنما قالته تحزنا وتحسرا على خيبة رجائها وعكس تقديرها لما كانت ترجو أن تلد ذكرا ولذلك نذرته محررا للسدانة والتأكيد المرد على اعتقادها الباطل .
والله أعلم بما وضعت تعظيم من جهته تعالى لموضوعها وتفخيم لشأنه وتجهيل لها بقدرة أي والله أعلم بالشئ الذي وضعته وما علق به من عظائم الأمور وجعله وابنه آية للعالمين وهي غافلة عن ذلك والجملة اعتراضية وقرئ وضعت على خطاب الله تعالى لها أي أنك لا تعلمين قدر هذا الموهوب وما أودع الله فيه من علو الشان وسمو المقدار وقرئ وضعت على صيغة التكلم مع الالتفات من الخطاب إلى الغيبة إظهارا لغاية الإجلال فيكون ذلك منها اعتذارا إلى الله تعالى حيث أتت بمولود لا يصلح لما نذرته من السدانة أو تسلية لنفسها على معنى لعل الله تعالى فيه سرا وحكمة ولعل هذه الأنثى خير من الذكر فوجه الالتفات حينئذ ظاهر وقوله تعالى .
وليس الذكر كالأنثى اعتراض آخر مبين لما في الأول من تعظيم الموضوع ورفع منزلته واللام في الذكر والنثى للعهد أي ليس الذكر الذي كانت تطلبه وتتخيل فيه كما لا قصاراه ان يكون كواحد من السدانه كالأنثى التي وهبت لها فإن دائرة علمها وأمنيتها لاتكاد تحيط بما فيه من جلائل الأمور هذا على القراءتين الأوليين وأما على التفسير الأخير للقراءة