256 - البقرة الذي يستحقر بالنسبة اليه كل ما سواه ولما ترى من انطواء هذه الآية الكريمة على أمهات المسائل الالهية المتعلقة بالذات العلية والصفات الجلية فإنها ناطقة بأنه تعالى موجود متفرد بالالهية متصف بالحياة واجب الوجود لذاته موجد لغيره لما أن القيوم هو القائم بذاته المقيم لغيره منزه عن التحيز والحلول مبرأ عن التغير والفتور لا مناسبة بينه وبين الاشباح ولا يعتريه ما يعتري النفوس والارواح مالك الملك والملكوت ومبدع الاصول والفروع ذو البطش الشديد لا يشفع عنده الا من أذن له فيه العالم وحده بجميع الاشياء جليها وخفيها كليها وجزئيها واسع الملك والقدرة لكل ما من شأنه أن يملك ويقدر عليه لا يشق عليه شاق ولا يشغله شأن عن شأن متعال عما تناله الاوهام عظيم لا تحدق به الافهام تفردت بفضائل رائقة وخواص فائقة خلت عنها أخواتها قال ان اعظم آية في القرآن آية الكرسي من قرأها بعث الله تعالى ملكا يكتب من حسناته ويمحو من سيئاته الى الغد من تلك الساعة وقال E ما قرئت هذه الآية في دار الا هجرتها الشياطين ثلاثين يوما ولا يدخلها ساحر ولا ساحرة أربعين ليلة ياعلي علمها ولدك وأهلك وجيرانك فما نزلت آية أعظم منها وقال من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة الا الموت ولا يواظب عليها الا صديق أو عابد ومن قرأها اذا أخذ مضجعه آمنة الله تعالى على نفسه وجاره وجار جاره والابيات حوله وقال E سيد البشر آدم وسيد العرب محمد ولا فخر وسيد الفرس سلمان وسيد الروم صهيب وسيد الحبشة بلال وسيد الجبال الطور وسيد الايام يوم الجمعة وسيد الكلام القرآن وسيد القرآن سورة البقرة وسيد البقرة آية الكرسي وتخصيص سيادته للعرب بالذكر في أثناء تعداد السيادات الخاصة لا يدل على نفي مادلت عليه الاخبار المستفيضة وانعقد عليه الاجماع من سيادته لجميع افراد البشر .
لا اكراه في الدين جملة مستأنفة جاء بها اثر بيان تفرده سبحانه وتعالى بالشئون الجليلة الموجبة للإيمان به وحده ايذانا بأن من حق العاقل أن لايحتاج الى التكليف والالزام بل يختار الدين الحق من غير تردد وتلعثم وقيل هو خبر في معنى النهي أي لا تكرهوا في الدين فقيل منسوخ بقوله تعالى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم وقيل خاص بأهل الكتاب حيث حصنوا أنفسهم بأداء الجزية وروى انه كان لأنصاري من بني سالم بن عوف ابنان قد تنصرا قبل مبعثه ثم قدما المدينه فلزمهما أبوهما وقال والله لا أدعكما حتى تسلما فأبيا فاختصموا الى رسول الله فنزلت فخلاهما .
قد تبين الرشد من الغي استئناف تعليلي صدر بكلمة التحقيق لزيادة تقرير مضمونه كما في قوله D قد بلغت من لدني عذرا أي اذ قد تبين بما ذكر من نعوته تعالى التي يمتنع توهم اشتراك غيره في شيء منهما الايمان الذي هو الرشد الموصل الى السعادة الابدية من الكفر الذي هو الغي المؤدي الى الشقاوة السرمدية .
فمن يكفر