1114 - .
والمعنى والسابقون هم الذين اشتهرت أحوالهم وعرفت محاسنهم كقول أبى النجم ... أنا أبو النجم وشعرى شعرى ... وفيه تفخيم شأنهم والإيذان بشيوع فضلهم واستغنائهم عن الوصف بالجميل مالا يخفى وقيل والسابقون إلى طاعة الله تعالى السابقون إلى رحمته أو السابقون إلى الخير والسابقون إلى الجنة وقوله تعالى أولئك إشارة إلى السابقين وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإيذان ببعد منزلتهم فى الفضل ومحله الرفع على الإبتداء خبره ما بعده أى اولئك الموصوفون بذلك النعت الجليل المقربون أى الذين قربت إلى العرش العظيم درجاتهم واعليت مراتبهم ورقيت إلى حظائر القدس نفوسهم الزكية هذا اظهر ما ذكر فى إعراب هذه الجمل وأشهره والذى تقتضيه جزالة التنزيل أن قوله تعالى فأصحاب الميمنة خبر مبتدأ محذوف وكذا قوله تعالى وأصحاب المشأمة وقوله تعالى والسابقون فإن المترقب عند بيان انقسام الناس إلى الأقسام الثلاثة بيان أنفس الأقسام الثلاثة وأما أوصافها وأحوالها فحقها أن تبين بعد ذ ذلك بإسنادها إليها والتقدير فأحدها أصحاب الميمنة والآخر أصحاب المشأمة والثالث السابقون خلا أنه لما أخر بيان أحوال القسمين الأولين عقب كل منهما بجملة معترضة بين القسمين منبئة عن ترامى أحوالهما فى الخير والشر إنباء إجماليا مشعرا بان لأحوال كل منهما تفصيلا مترقبا لكن لا على أن ما الاستفهامية مبتدأ وما بعدها خبر على ما رآه سيبويه فى أمثاله بل على أنها خبر لما بعدها فإن مناط الإفادة بيان أن اصحاب الميمنة أمر بديع كما يفيده كون ما خبر إلا بيان أن أمرا بديعا أصحاب الميمنة كما يفيده كونها مبتدأ وكذا الحال فى أصحاب المشأمة وأما القسم الأخير فحيث قرن بيان محاسن احواله بذكره لم يحتج فيه إلى تقديم إلا نموذج فقوله تعالى السابقون مبتدأ والإظهار فى مقام الإضمار للتفخيم وأولئك مبتدأ ثان أو بدل من الأول وما بعده خبر له أو الثانى والجملة خبر للأول وقوله تعالى فى جنات النعيم متعلق بالمقربون أو بمضمر هو حال من ضميره أى كائنين فى جنات النعيم وقيل خبر ثان لاسم الإشارة وفيه أن الأخبار بكونهم مقربين ليس فيه مزيد مزية وقرئ فى جنة النعيم وقوله تعالى ثلة من الأولين خبر مبتدأ محذوف أى هم أمة جمة من الأولين وهم الأمم السالفة من لدن آدم إلى نبينا E وعلى بينهما من الأنبياء العظام وقليل من الآخرين أى من هذه الأمة ولا يخالفه قوله E إن أمتى يكثرون