البقرة 2 .
بإضمار الباء القسمية مفتوحا لكونه غير منصوف وقرئ ص وق بالكسر علىالتحريك لا لتقاء الساكنين ويجوز في طاسين ميم أن تفتح نونها وتجعل من قبيل دارا بجرد ذكره سيبويه في كتابه وأما ما عدا ذلك من الفواتح فليس فيها إلا الحكاية وسيجيء تفاصيل سائر أحكام كل منها مشروحة في مواقعها بإذن الله عز سلطانه أما هذه الفاتحة الشريفة فإن جعلت اسما للسورة أو القرآن فمحلها الرفع إما على أنه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير هذا الم أي مسمى به وإنما صحت الإشارة إلى القرآن بعضا أو كلا مع عدم سبق ذكره لأنه باعتبار كونه بصدد الذكر صار في حكم الحاضر المشاهد كما يقال هذا ما اشترى فلان وأما على انه مبتدأ أي المسمى به والأول هو الأظهر لأن ما يجعل عنوان الموضوع حقه أن يكون قبل ذلك معلوم الانتساب إليه عند المخاطب وإذ لا علم بالتسمية قبل فحقها الإخبار بها وادعاء شهرتها يأباه التردد في أن المسمى هي السورة أو كل القرآن .
ذلك ذا اسم إشارة واللام عماد جيء به للدلالة على بعد المشار إليه والكاف للخطاب والمشار إليه هو المسمى فإنه منزل منزلة المشاهد بالحس البصري وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإيذان بعلو شانه وكونه في الغاية القاصية من الفضل والشرف أثر تنويهه بذكر اسمه وما قيل من انه باعتبار التقصى أو باعتبار الوصول من المرسل إلى المرسل إليه في حكم المتباعد وإن كان مصححا لا يراده لكنه بمعزل من ترجيحه على إيراد ما وضع للإشارة إلى القريب وتذكيره على تقدير كون المسمى هي السورة لأن المشار إليه هو المسمى بالأسم المذكور من حيث هو مسمى به لا من حيث هو مسمى بالسورة ولئن ادعى اعتبار الحيثية الثانية في الأول بناء على أن التسمية لتمييز السور بعضها من بعض فذلك لتذكير ما بعده وهو على الوجه الأول مبتدأ على حدة وعلى الوجه الثاني مبتدأ ثان وقوله عز وعلا .
الكتاب إما خبر له أو صفة أما إذا كان خبرا له فالجملة على الوجه الأول مستأنفة مؤكدة لما أفادته الجملة الأولى من نباهة شأن المسمى لا محل لها من الإعراب وعلى الوجه الثاني في محل الرفع علىأنها خبر للمبتدأ الأول واسم الإشارة مغن عن الضمير الرابط والكتاب أما مصدر سمى به المفعول مبالغة كالخلق والتصوير للمخلوق والمصور وإما فعال بني للمفعول كاللباس من الكتب الذي هو ضم الحروف بعضها إلى بعض وأصله الجمع والضم في الأمور البادية للحس البصري ومنه الكتيبة للعسكر كما أن أصل القراءة الجمع والضم في الأشياء الخافية عليه وإطلاق الكتاب على المنظوم عبارة لما أن مآله الكتابه والمراد به على تقدير كون المسمى هي السورة جميع القرآن الكريم وإن لم يتم نزوله عند نزول السورة إما باعتبار تحققه في علم الله D أو باعتبار ثبوته في اللوح أو اعتبار نزوله جملة إلى السماء الدنيا حسبما ذكر في فاتحة الكتاب واللام للعهد والمعنى أن هذه السورة هو الكتاب أي العمدة القصوى منه كأنه في إحراز الفضل كل الكتاب المعهود الغنى عن الوصف بالكمال لاشتهاره به فيما بين الكتب على طريقة قوله الحج عرفة وعلى تقدير كون المسمى كل القرآن فالمراد بالكتاب الجنس واللام الحقيقة والمعنى أن ذلك هو الكتاب