فصلت آية 13 14 رضى الله عنه نصا في تأخر دحو الأرض عن خلق السماء فإن بسط الأرض معطوف على إصعاد الدخان وخلق السماء بالواو فلا دلالة في ذلك على الترتيب قطعا وقد نقل الإمام الواحدى عن مقاتل أن خلق السماء مقدم على إيجاد الأرض فضلا عن دحوها عن دحوها فلا بد من حمل الأمر بإتيانهما حينئذ أيضا على ما ذكر من التوافق والمواتاة ولا يقدح في ذلك تقدم خلق السماء على خلق الأرض كما لم يقدح فيه تقدم خلق الأرض على خلق السماء هذا كله على تقدير كون كلمة ثم للتراخي الزماني وأما على تقدير كونها للتراخي الرتبي كما جنح إليه الأكثرون فلا دلالة في الاية الكريمة على الترتيب كما في الوجه الأول وعلى ذلك بني الكلام في تفسير قوله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا الآية وإنما لم يحمل الخلق هناك على معنى التقدير كما حمل عليه هنا لتوفيه مقام الامتنان حقه وزينا السماء الدنيا بمصابيح من الكواكب فإنها كلها ترى متلألئة عليها كأنها فيها والالتفات إلى نون العظمة لإبراز مزيد العناية بالأمر وقوله تعالى وحفظا مصدر مؤكد لفعل معطوف على زينا أي وحفظناها من الافات أو من المسترقة حفظا وقيل مفعول له على المعنى كأنه قيل وخلقنا المصابيح زينة وحفظا ذلك الذي ذكر بتفاصيله تقدير العزيز العليم المبالغ في القدرة والعلم فإن أعرضوا متصل بقوله تعالى قل أئنكم الخ أي فإن أعرضوا عن التدبر فيما ذكر من عظائم الأمور الداعية الى الإيمان أو عن الإيمان بعد هذا البيان فقل لهم أنذرتكم أي أنذرتكم وصيغة الماضي للدلالة على تحققق الإنذار المنبىء عن تحقق المنذر به صاعقة أي عذابا هائلا شديد الوقع كانه صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود وقرىء صعقة مثل صعقة عاد وثمود وهي المرة من الصعق أو الصعق يقال صعقة الصاعقة صعقا فصعق صعقا وهو من باب فعلته ففعل إذ جاءتهم الرسل حال من صاعقة عاد ولا سداد لجعله ظرفا لأنذرتكم أو صفة لصاعقة لفساد المعنى واما جعله صفة لصاعقة عاد أي الكائنة إذ جاءتهم ففيه حذف الموصول مع بعض صلته من بين أيديهم ومن خلفهم متعلق بجاءتهم أي من جميع جوانبهم واجتهدوا بهم من كل جهة أو من جهة الزمان الماضي بالإنذار عما جرى فيه على الكفار ومن جهة المستقبل بالتحذير عما سيحيق بهم من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة وقيل المعنى جاءتهم الرسل المتقدمون والمتأخرون على تنزيل مجىء كلامهم ودعوتهم الى الحق منزلة مجىء أنفسهم فإن هودا وصالحا كانا داعيين لهم الى الإيمان بهما وبجميع الرسل ممن جاء من بين أيديهم أي من قبلهم وممن يجىء من خلفهم أي من بعدهم فكان الرسل قد جاءوهم وخاطبوهم بقوله تعالى أن لا تعبدوا إلا الله أي بأن لا تعبدوا على أن أن مصدرية أو أي لا تعبدوا على أنها مفسرة قالوا لو شاء ربنا