فرط منهم من فرطات قلما يخلو عنها الانسان بحكم جبلته وتداركهم لها بالتوبة والانابة والالتفات الى الاسم الجليل اولا لتهويل الخطب وتربية المهابة والاظهار في موقع الاضمار ثانيا لابراز مزيد الاعتناء بأمر المؤمنين توفية لكل من مقامي الوعيد والوعد حقه والله تعالى اعلم وجعل الامانة التي شأنها ان تكون من جهته تعالى عبارة عن الطاعة التي هي من افعال المكلفين التابعة للتكليف بمعزل من التقريب وحمل الكلام على تقرير الوعد الكريم الذي ينبىء عنه قوله تعالى ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما يجعل تعظيم شأن الطاعة ذريعة الى ذلك بأن من قام بحقوق مثل هذا الامر العظيم الشأن وراعاها فهو جدير بأن يفوز بخير الدارين يأباه وصفه بالظلم والجهل اولا وتعليل الحمل بتعذيب فريق والتوبة على فريق ثانيا وقيل المراد بالامانة مطلق الانقياد الشامل للطبيعي والاختياري وبعرضها استدعاؤها الذي يعم طلب الفعل من المختار وارادة صدوره من غيره وبحملها الخيانة فيها والامتناع عن ادائها فيكون الاباء امتناعا عن الخيانة واتيانا بالمراد فالمعنى ان هذه الاجرام مع عظمها وقوتها ابين الخيانة لامانتها واتين بما امرهن به كقوله تعالى اتينا طائعين وخانها الانسان حيث لم يأت بما امرناه به انه كان ظلوما جهولا وقيل انه تعالى لما خلق هذه الاجرام خلق فيها فهما وقال لها اني فرضت فريضة وخلقت جنة لمن اطاعني فيها ونارا لمن عصاني فقلن نحن مسخرات لما خلقتنا لا نحتمل فريضة ولا نبغي ثوابا ولا عقابا ولما خلق آدم عليه السلام عرض عليه مثل ذلك فحمله وكان ظلوما لنفسه بتحمله ما يشق عليها جهولا بوخامة عافيته وقيل المراد بالامانة العقل او التكليف وبعرضها عليهن اعتبارها بالاضافة الى استعدادهن وبأبائهن الاباء الطبيعي الذي هو عدم اللياقة والاستعداد لها وبحمل الانسان قابليته واستعداده لها وكونه ظلوما جهولا لما غلب عليه من القوة الغضبيا والشهوية هذا قريب من التحقيق فتأمل والله الموفق وقرىء ويتوب الله على الاستئناف وكان الله غفورا رحيما مبالغا في المغفرة والرحمة حيث تاب عليهم وغفر لهم فرطاتهم واثاب بالفوز على طاعاتهم قال من قرا سورة الاحزاب وعلمها اهله وما ملكت يمينه اعطى الامان من عذاب القبر والله اعلم