السجدة 13 من الرجعة وانى لهم ذلك ويجوز ان يقدر لكل من الفعلين مفعول مناسب له مما يبصرونه ويسمعونه فإنهم حينئذ يشاهدون الكفر والمعاصي على صور منكرة هائلة ويخبرهم الملائكة بأن مصيرهم الى النار لا محالة فالمعنى ابصرنا قبح اعمالنا وكنا نراها في الدنيا حسنة وسمعنا ان مردنا الى النار وهو الانسب لما بعده من الوعد بالعمل الصالح هذا وقد قيل المعنى وسمعنا منك تصديق رسلك وانت خبير بأن تصديقه تعالى لهم حينئذ يكون بإظهار مدلول ما اخبروا به من الوعد والوعيد لا بالاخبار بأنهم صادقون حتى يسمعوه وقيل وسمعنا قول الرسل أي سمعناه سمع طاعة واذعان ولا يقدر لترى مفعول اذ المعنى لو تكون منك رؤية في ذلك الوقت او يقدر ما ينبىء عنه صلة اذ والمضي فيها وفي لو باعتبار ان الثابت في علم الله تعالى بمنزلة الواقع وجواب لو محذوف أي لرايت امرا فظيعا لا يقادر قدره والخطاب لكل احد ممن يصلح له كائنا من كان اذ المراد بيان كمال سوء حالهم وبلوغها من الفظاعة الى حيث لا يختص استغرابها واستفظاعها براء دون راء ممن اعتاد مشاهدة الامور البديعة والدواهي الفظيعة بل كل من يتأتى منه الرؤية يتعجب من هولها وفظاعتها هذا ومن علل عموم الخطاب بالقصد الى بيان ان حالهم قد بلغت من الظهور الى حيث يمتنع خفاؤها البتة فلا تختص رؤية راء دون راء بل كل من يتأتي منه الرؤية فله مدخل في هذا الخطاب فقد نأى عن تحقيق الحق لان المقصود بيان كمال فظاعة حالهم كما يفصح عنه الجواب المحذوف لا بيان كمال ظهورها فإنه مسوق مساق المسلمات فتدبر ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها مقدر بقول معطوف على ما قدر قبل قوله تعالى ربنا ابصرنا الخ أي ونقول لو شئنا أي لو تعلقت مشيئتنا تعلقا فعليا بأن نعطي كل نفس من النفوس البرة والفاجرة ما تهتدي به الى الايمان والعمل الصالح لاعطيناها اياه في الدنيا التي هي دار الكسب وما اخرناه الى دار الجزاء ولكن حق القول مني أي سبقت كلمتي حيث قلت لابليس عند قوله لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين فالحق والحق اقول لأملأن جهنم منك وممن اتبعك منهم اجمعين وهو المعنى بقوله تعالى لأملأن جهنم من الجنة والناس اجمعين كما يلوح به تقديم الجنة على الناس فبموجب ذلك القول لم نشأ اعطاء الهدى على العموم بل منعناه من اتباع ابليس الذين انتم من جملتهم حيث صرفتم اختياركم الى الغي بإغوائه ومشيئتنا لافعال العباد منوطة باختيارهم اياها فلما لم تختاروا الهدى واخترتم الضلالة لم نشأ اعطاءه لكم وانما اعطيناه الذين اختاروه من النفوس البرة وهم المعنيون بما سيأتي من قوله تعالى انما يؤمن بآياتنا الآية فيكون مناط عدم مشيئة اعطاء الهدى في الحقيقة سوء اختيارهم لا تحقق القول وانما قيدنا المشيئة بما مر من التعليق الفعلى بأفعال العباد عند حدوثها لان المشيئة الازلية من حيث تعلقها بما سيكون من افعالهم اجمالا متقدمة على تحقق كلمة العذاب فلا يكون عدمها منوطا بتحققها وانما مناطه علمه تعالى ازلا بصرف