القصص 77 78 قريب من المحسنين اذ قال له قومه منصوب بتنوء وقيل ببغي ورد بأن البغي ليس مقيدا بذلك الوقت وقيل بآنيناه ورد بأن الايتاء ايضا غير مقيد به وقيل بمضمر فقيل هو اذكر وقيل هو اظهر الفرح ويجوز ان يكون منصوبا بما بعده من قوله تعالى قال انما اوتيته وتكون الجملة مقررة لبغيه لا تفرح أي لا تبطر والفرح في الدنيا مذموم مطلقا لانه نتيجة حبها والرضا بها والذهول عن ذهابها فإن العلم بأن ما فيها من اللذة مفارقة لا محالة يوجب الترح حتما ولذلك قال تعالى ولا تفرحوا بما آتاكم وعلل النهي ههنا بكونه مانعا من محبته عز وعلا فقيل ان الله لا يحب الفرحين أي بزخارف الدنيا وابتغ وقرىء واتبع فيما آتاك الله من الغنى الدار الآخرة أي ثواب الله تعالى فيها يصرفه الى ما يكون وسيلة اليه ولا تنس أي لا تترك ترك المنسي نصيبك من الدنيا وهو ان تحصل بها آخرتك وتأخذ منها ما يكفيك وأحسن أي الى عباد الله تعالى كما أحسن الله اليك فيما انعم به عليك وقيل أحسن بالشكر والطاعة كما احسن الله اليك بالانعام ولا تبغ الفساد في الارض نهى عما كان عليه من الظلم والبغي ان الله لا يحب المفسدين لسوء افعالهم قال مجيبا لناصحيه انما اوتيته على علم عندي كأنه يريد به الرد على قولهم كما احسن الله اليك لانبائه عن انه تعالى انعم عليه بتلك الاموال والذخائر من غير سبب واستحقاق من قبله أي فضلت به على الناس واستوجبت به التفوق عليهم بالمال والجاه وعلى علم في موقع الحال وهو علم التوراة وكان اعلمهم بها وقيل علم الكيمياء وقيل علم النجارة والدهقنة وسائر المكاسب وقيل علم فتح الكنوز والدفائن وعندي صفة له او متعلق بأوتيته كقولك جاز هذا عندي او في ظني ورايى او لم يعلم ان الله قد اهلك من قبله من القرون من هو اشد منه قوة واكثر جمعا توبيخ له من جهة الله تعالى على اغتراره بقوته وكثرة ماله مع علمه بذلك قراءة في التوراة وتلقيا من موسى عليه السلام وسماعا من حفاظ التواريخ وتعجب منه فالمعنى الم يقرأ التوراة ولم يعلم ما فعل الله تعالى بأضرابه من اهل القرون السابقة حتى لا يغتر بما اغتروا به اورد لا دعائه العلم وتعظمه به بنفي هذا العلم منه فالمعنى اعلم ما ادعاه ولم يعلم هذا حتى بقي به نفسه مصارع الهالكين ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون سؤال استعلام بل يعذبون بها بغتة كأن قارون لما هدد بذكر اهلاك من قبله ممن كان اقوى منه واغنى اكد ذلك بأن بين ان ذلك لم يكن مما يخص اولئك المهلكين بل الله تعالى مطلع على ذنوب كافة المجرمين يعاقبهم عليها لا محالة