القصص 42 44 سميناهم أئمة دعاة الى النار كما في قوله تعالى وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا فالانسب حينئذ أن يكون الجعل بعدهم فيما بين الامم وتكون الدعوة الى نفس البار وقيل معنى الجعل منع الالطاف الصارفة عن ذلك ويوم القيامة لا ينصرون بدفع العذاب عنهم بوجه من الوجوه واتبعناهم في هذه الدنيا لعنة طردا وإبعادا من الرحمة ولعنا من اللاعنين حيث لا يزال يلعنهم الملائكة عليهم الصلاة والسلام والمؤمنون خلفا عن سلف ويوم القيامة هم من المقبوحين من المطرودين المبعدين وقيل من الموسومين بعلامة منكرة كزرقة العيون وسواد الوجه قاله ابن عباس رضى الله عنهما يقال قبحه الله وقبحه إذا جعله قبيحا وقال ابو عبيدة من المقبوحين من المهلكين ويوم القيامة إما متعلق بالمقبوحين على أن اللام للتعريف لا بمعنى الذي أو بمحذوف يفسره ذلك كأنه قيل وقبحوا يوم القيامة نجو لعملكم من القالين ولقد آتينا موسى الكتاب أي التوراة من بعد ما أهلكنا القرون الاولى هم أقوام نوح وهود وصالح ولوط عليهم السلام والتعرض لبيان كون إبتائها بعدإهلاكهم للإشعار بمساس الحاجة الداعية إليه تمهيدا لما يعقبه من بيان الحاجة الداعية الى إنزال القرآن الكريم على رسول الله فإن إهلاك القرون الأولى من مواجبات اندراس معالم الشرائع وانطماس آثارها وأحكامها المؤديين الى اختلال نظام العالم وفساد أحوال الامم المستدعيين للتشريع الجديد بتقرير الأصول الباقية على مر الدهور وترتيب الفروع المتبدلة بتبدل العصور وتذكير أحوال الامم الخالية الموجبة للاعتبار كأنه قيل ولقد آتينا موسى التوراة على حين حاجة إلى إيتائها بصائر للناس أي أنوارا لقلوبهم تبصر بها الحقائق وتميز بين الحق والباطل حيث كانت عميا عن الفهم والادراك بالكلية فإن البصيرة نور القلب الذي به يستبصر كما أن البصر نور العين الذي به تبصر وهدى أي هداية الى الشرائع والاحكام التي هي سبل الله تعالى ورحمة حيث ينال من عمل به رحمة الله تعالى وانتصاب الكل على الحالية من الكتاب على انه نفس البصائر والهدى والرحمة أو على حذف المضاف أي ذا بصائر الخ وقيل على العلة أي آتيناه الكتاب للبصائر والهدى والرحمة لعلهم يتذكرون ليكونوا على حال يرجى منه التذكر وقد مر تحقيق القول في ذلك عند قوله تعالى لعلكم تتقون من سورة البقرة وقوله تعالى وما كنت بجانب الغربي شروع في بيان أن إنزال القرآن الكريم ايضا واقع في زمان شدة مساس الحاجة اليه واقتضاء الحكمة له البتة وقد صدر بتحقيق كونه وحيا صادقا من عند الله D ببيان ان الوقوف على ما فصل من الاحوال لا يتسنى