سورة الشعراء 29 30 .
وتنبيها على جهلهم وعدم فهمهم لمعنى مقالته فإن بيان ربوبيته تعالى للسموات والأرض وما بينهما وإن كان متضمنا لبيان ربوبيته تعالى للخافقين وما بينهما لكن لما لم يكن فيه تصريح باستناد حركات السموات وما فيها وتغيرات أحوالها وأوضاعها وكون الأرض تارة مظلمة وأخرى منورة إلى الله تعالى أرشدهم إلى طريق معرفة ربوبيته تعالى لما ذكر فإن ذكر المشرق والمغرب منبىء عن شروق الشمس وغروبها المنوطين بحركات السموات وما فيها على نمط بديع بترتيب عليه هذه الأوضاع الرصينة وكل ذلك امور حادثة مفتقرة الى محدث قادر عليم حكيم لا كذوات السموات والأرض التي ربما يتوهم جهلة المتوهمين باستمرارها استغناءها عن الموجد المتصرف إن كنتم تعقلون أي أن كنتم تعقلون شيئا من الأشياء أو إن كنتم من أهل العقل علمتم أن الأمر كما قتله وفيه إيذان بغاية وضوح الأمر بحيث لا يشتبه على من له عقل في الجملة وتلويح بأنهم بمعزل من دائرة العقل وأنهم المتصفون بما رموه E به من الجنون قال لما سمع اللعين منه E تلك المقالات المبنية على أساس الحكم البالغة وشاهد شدة حزمه وقوة عزمه على تمشية أمره وأنه ممن لا يجاري في حلبة المجاورة ضرب صفحا عن عن المقاولة بالإنصاف ونأى بجانبه إلى عدوة الجور والإعتساف فقال مظهرا لما كان يضمره عند السؤال والجواب لئن اتخذت إلها غري لأجعلنك من المسجونين لم يقتنع منه E بترك دعوى الرسالة وعدم التعرض له حتى كلفه E أن يتخذه إلها لغاية عتوه وغلوه فيما فيه من دعوى الألوهية وهذا صريح في أن تعجبه وتعجيبه من الجواب الأول ونسبته E إلى الجنون في الجواب الثاني كان لنسبته E الربوبية إلى غيره وأما ما قيل من أن سؤاله كان عن حقيقة المرسل وتعجبه من جوابه كان لعدم مطابقته له لكونه بذكر أحواله فلا يساعده النظم الكريم ولا حال فرعون ولا مقالة واللام في المسجونين للعهد أي لأجعلنك ممن عرفت أحوالهم في سجوني حيث كان يطرحهم في هوة عميقة حتى يموتوا ولذلك لم يقل لأسجننك قال أو لو جئتك بشيء مبين أي أتفعل بي ذلك ولو جئتك بشيء مبين أي موضح لصدق دعو اى يريد به المعجزة فإنها جامعة بين الدلالة على وجود الصانع وحكمته وبين الدلالة على صدق دعوى من ظهرت على يده والتغيير عنها بالشيء للتهويل قالوا الواو في أولو جئتك للحال دخلت عليها همزة الإستفهام أي جائيا بشيء مبين وقد سلف منا مرار أنها للعطف وأن كلمة لو ليست لإنتفاء الشيء في الزمان الماضي لإنتفاء غيره فيه فلا يلاحظ لها جواب قد حذف تعويلا على دلالة ما قبلها عليه ملاحظة قصدية إلا عند القصد إلى بيان الإعراب على القواعد الصناعية بل هي لبيان تحقق ما يفيده الكلام السابق من حكم الموجب أو المنفى على كل حال مفروض من الأحوال المقارنة له على الإجمالي بإدخالها على أبعدها منه وأشدها منافاة له ليظهر