سورة النور 1213 منهم أي من أولئك العصبة ما اكتسب من الإثم بقدر ما خاض فيه والذي تولى كبره أي معظمه وقرئ بضم الكاف وهي لغة فيه منهم من العصبة وهو ابن أبي فإنه بدأ به وأذاعه بين الناس عداوة لرسول الله A وقيل هو وحسان ومسطح فإنهما شايعاه بالتصريح به فإفراد الموصول حينئذ باعتبار الفوج أو الفريق أو نحوهما له عذاب عظيم أي في الآخرة أو في الدنيا أيضا فأنهم جلدوا وردت شهادتهم وصار ابن أبي مطرودا مشهودا عليه بالنفاق وحسان أعمى و أشل اليدين ومسطح مكفوف البصر وفي التعبير عنه بالذي وتكرير الإسناد وتنكير العذاب ووصفه بالعظم من تهويل الخطب ما لا يخفي لولا إذ سمعتموه تلوين للخطاب وصرف له عن رسول الله A وذويه إلى الخائضين بطريق الالتفات لتشديد ما في لولا التحفيضة من التوبيخ ثم العدول عنه إلى الغيبة في قوله تعالى ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا لتأكيد التوبيخ والتشنيع لكن لا بطريق الإعراض عنهم وحكاية جناياتهم لغيرهم على وجه المثابة بل بالتوسل بذلك إلى وصفهم بما يوجب الإتيان بالمحضض عليه ويقتضيه اقتضاء تاما ويزجرهم عن ضده زجرا بليغا فإن كون وصف الإيمان مما يحملهم على إحسان الظن ويكفهم عن أسامة بأنفسهم أي بأبناء جنسهم النازلين منزلة أنفسهم كقوله تعالى ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وقوله تعالى و لا تلمزوا أنفسكم مما لايب فيه فإخلاهم بموجب ذلك الوصف أقبح و أشنع و التوبيخ عليه أدخل مع ما فيه من التوسل به إلى التصريح بتوبيخ الخائضات ثم ان كان المراد بالإيمان الإيمان الحقيقي فإيجابه لما ذكر واضح والتوبيخ خاص بالمؤمنين و إن كان مطلق الإيمان الشامل لما يظهره المنافقون أيضا فإيجابه له من حيث انهم كانوا يحترزون عن إظهار ما ينافي مدعاهم فالتوبيخ حينئذ متوجه إلى الكل و توسيط الظرف بين لولا و فعلها لتخصيص التخصيص بأول زمان سماعهم و قصر التوبيخ على تأخير الإنيان بالمحضض عليه عن ذلك الآن و التردد فيه ليفيد أن عدم الإتيان به رأسا في غاية ما يكون من القباحة والشناعة أي كان الواجب أن يظن المؤمنون والمؤمنات أول ما سمعوه ممن اخترعه بالذات أو بالواسطة من غير تلعثم وتردد بمثلهم من آحاد المؤمنين خيرا وقالوا في ذلك الآن هذا إفك مبين أي ظاهر مكشوف كونه إفكا فكيف بالصديقة ابنة الصديق أم المؤمنين حرمة رسول الله صلى الله عليه و سلم لولا جاءوا عليه بأر شهداء إما من تمام القول المحضض عليه مسوق لحث السامعين على إلزام المسمعين و تكذيبهم إ تكذيب ماسمعوه منهم بقولهم هذا إفك مبين و توبيخهم على تركه أي هلا جاء الخائضون بأربعة شهداء يشهدون على ما قالوا فإذا لم يأتوا بهم وإنما قيل بالشهداء لزيادة التقرير فأولئك إشارة إلى الخائضين و ما فيه من معنى البعد للإيذان بغلوهم في الفساد وبعد منزلتهم عن الشر أي أولئك المفسدون عند الله أي في حكمه و شرعه المؤسس على الدلائل الظاهرة المتقنة هم الكاذبون الكاملون في الكذب المشهود