الكهف 95 96 ذي القرنين كلامهم وإفهام كلامه إياهم من جملة ما آتاه الله تعالى من الأسباب يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج قد ذكرنا أنهما من أولاد يافث بن نوح عليه السلام وقيل يأجوج من الترك ومأجوج من الجيل واختلف في صفاتهم فقيل في غاية صغر الجثة وقصر القامة لا يزيد قدهم على شبر واحد وقيل في نهاية عظم الجسم وطول القامة تبلغ قدودهم نحو مائة وعشرين دراعا وفيهم من عرضه كذلك وقيل لهم مخالب وأضراس كالسباع وهما اسمان أعجميان بدليل منع الصرف وقيل عربيان من أج الظليم إذا أسرع وأصلهما الهمزة كما قرأ عاصم وقد قرئ بغير همزة ومنع صرفهما للتعريف والتأنيث يفسدون في الأرض أي في أرضنا بالقتل والتخريب وإتلاف الزروع قيل كانوا يخرجون أيام الربيع فلا يتركون أخضر إلا أكلوه ولا يباسا إلا احتملوه وقيل كانوا يأكلون الناس أيضا فهل نجعل لك خرجا أي جعلا من أموالنا والفاء لتفريع العرض على إفسادهم في الأرض وقرئ خراجا وكلاهما واحد كالنول والنوال وقيل الخراج ما على الأرض والذمة والخرج المصدر وقيل الخرج ما كان على كل رأس والخراج ما كان على البلد وقيل الخرج ما تبرعت به والخراج ما لزمك أداؤه على أن تجعل بيننا وبينهم سدا وقرئ بالضم قال ما مكني بالإدغام وقرئ بالفك أي ما مكنني فيه ربي وجعلني فيه مكينا قادرا من الملك والمال وسائر الأسباب خير أي مما تريدون أن تبذلوه إلى من الخرج فلا حاجة بي إليه فأعينوني بقوة أي بفعلة وصناع يحسنون البناء والعمل وبآلات لابد منها في البناء والفاء لتفريع الأمر بالإعانة على خيرية ما مكنه الله تعالى فيه من مالهم أو على عدم قبول خرجهم أجعل جواب للأمر بينكم وبينهم تقديم إضافة الظرف إلى ضمير المخاطبين على إضافته إلى ضمير يأجوج ومأجوج لإظهار كمال العناية بمصالحهم كما راعوه في قولهم بيننا وبينهم ردما أي حاجزا حصينا وبرزخا متينا وهو أكبر من السد وأوثق يقال ثوب مردم أي فيه رقاع فوق رقاع وهذا إسعاف بمرامهم فوق ما يرجونه آتوني زبر الحديد جمع زبرة كغرف في غرفة وهي القطعة الكبيرة وهذا لا ينافي رد خراجهم لأن المأمور به الإيتاء بالثمن أو المناولة كما ينبئ عنه القراءة بوصل الهمزة أي جيئوني بزبر الحديد على حذف الباء كما في أمرتك الخير ولأن إيتاء الآلة من قبيل الإعانة بالقوة دون الخراج على العمل ولعل تخصيص الأمر بالإيتاء بها دون سائر الآلات من الصخور والحطب ونحوهما لما أن الحاجة إليها أمس إذ هي الركن في السد ووجودها أعز قيل حفر للأساس حتى بلغ الماء وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب والبنيان من زبر الحديد بينها الحطب والفحم حتى سد ما بين الجبلين إلى أعلاهما وكان مائة فرسخ وذلك قوله عز قائلا حتى إذا ساوى بين الصدفين أي أتوه إياها فأخذ يبني شيئا فشيئا حتى إذا جعل ما بين ناحيتي الجبلين من البنيان مساويا لهما