النحل 128 بفوانه أو محظور فكيف عن الخوف من وقوعه إن الله مع الذين اتقوا تعليل لما سبق من الأمر والنهي والمراد بالمعية الولاية الدائمة التي لا تحوم حول صاحبها شائبة شيء من الجزع والحزن وضيق الصدر وما يشعر به دخول كلمة مع من متبوعية المتقين إنما هي من حيث إنهم المباشرون للتقوى وكذا الحال في قوله سبحانه إن الله مع الصابرين ونظائرهما كافة والمراد بالتقوى المرتبة الثالثة منه الجامعة لما تحتها من مرتبة التوقي عن الشرك ومرتبة التجنب عن كل ما يؤثم من فعل وترك أعني التنزه عن كل ما شغل سره عن الحق والتبتل إليه بشر اشر نفسه وهو التقوى الحقيقي المورث لولايته تعالى المقرونة ببشارة قوله سبحانه ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون والمعنى أن الله ولي الذين تبتلوا إليه بالكلية وتنزهوا عن كل ما يشغل سرهم عنه فلم يخطر ببالهم شيء من مطلوب أومحذور فضلا عن الحزن بفواته أو الخوف من وقوعه وهو المعنى بما به الصبر المأمور به حسبما أشير إليه وبه يحصل التقريب ويتم التعليل كما في قوله تعالى فاصبر إن العاقبة للمتقين على أحد التفسيرين كما حقق في مقامه وإلا فمجرد التوقي عن المعاصي لا يكون مدارا لشيء من العزائم المرخص في تركها فكيف بالصبر المشار إليه ورديفيه وإنما مداره المعنى المذكور فكأنه قيل إن الله مع الذين صبروا وإنما أوثر ما عليه النظم الكريم مبالغة في الحث على الصبر بالتنبيه على أنه من خصائص أجل النعوت الجليلة وروادفه كما أن قوله تعالى والذين هم محسنون للإشعار بأنه من باب الإحسان الذي يتنافس فيه المتنافسون على ما فصل ذلك حيث قيل واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين وقد نبه على أن كلا من الصبر والتقوى من قبيل الإحسان في قوله تعالى إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين وحقيقة الإحسان الإتيان بالأعمال على الوجه اللائق الذي هو حسنها الوصفي المستلزم لحسنها الذاتي وقد فسره E بقوله أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وتكرير الموصول للإيذان بكفاية كل من الصلتين في ولايته سبحانه من غير أن تكون إحداهما تتمة للأخرى وإيراد الأولى فعلية للدلالة على الحدوث كما أن إيراد الثانية إسمية لإفادة كون مضمونها شيمة راسخة لهم وتقديم التقوى على الإحسان لما أن التخلية متقدمة على التحلية والمراد بالموصولين إما جنس المتقين والمحسنين وهو E داخل في زمرتهم دخولا أوليا وإما هو E ومن شايعه عبر عنهم بذلك مدحا لهم وثناء عليهم بالنعتين الجميلين وفيه رمز إلى أن صنيعه E مستتبع لإقتداء الأمة به كقول من قال لابن عباس Bهما عند التعزية اصبر نكن بك صابرين فإنما صبر الرعية عند صبر الرأس عن هرم بن حيان أنه قيل له حين الاحتضار أوص قال إنما الوصية من المال وأوصيكم بخواتيم سورة النحل عن رسول الله A من قرأ سورة النحل لم يحاسبه الله تعالى بما أنعم عليه في دار الدنيا وإن مات في يوم تلاها أو ليلته كان له من الأجر كالذي مات وأحسن الوصية والحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله أجمعين