البقرة 87 - 86 .
لا إيمانهم بالبعض مع كفرهم بالبعض كما هو المفهوم لوقيل أفتكفرون ببعض الكتاب وتؤمنون ببعض ولا مجرد كفرهم بالبعض وإيمانهم بالبعض كما يفيده أن يقال أفتجمعون بين الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض أو بالعكس .
فما جزاء من يفعل ذلك ما نافية ومن إن جعلت موصولة فلا محل ليفعل من الإعراب وإن جعلت موصوفة فمحلة الجر على أنه صفتها وذلك إشارة إلى الكفر ببعض الكتاب مع الإيمان ببعض أو إلى ما فعلوا من القتل والإجلاء مع مفاداة الأسارى .
منكم حال من فاعل يفعل .
إلا خزى استثناء مفرغ وقع خبرا للمبتدأ والخزى الذل والهوان مع الفضيحة والتكير للتفخيم وهو قتل بنى قريظة وإجلاء بنى النضير إلى أذرعات وأريحا ء من الشام وقيل الجزية .
في الحياة الدنيا في حيز الرفع على أنه صفة خزى أي خزى كائن في الحياة الدنيا أو في حيز النصب على أنه ظرف لنفس الخزى ولعل بيان جزائهم بطريق القصر على ما ذكر لقطع أطماعهم الفارغة من ثمرات إيمانهم ببعض الكتاب وإظهار أنه لا أثر له أصلا مع الكفر ببعض .
ويوم القيامة يردون وقرئ بالتاء أوثر صيغة الجمع نظرا إلى معنى من بعد ما أوثر الإفراد نظرا إلى لفظها لما ان الرد إنما يكون بالاجتماع .
إلى اشد العذاب لما أن معصيتهم أشد المعاصي وقيل أشد العذاب بالنسبة إلى ما لهم في الدنيا من الخزى والصغار وإنما غير سبك النظم الكريم حيث لم يقل مثلا وأشد العذاب يوم القيامة للإيذان بكمال التنافي بين جزاءى النشأتين وتقديم يوم القيامة على ما ذكر ما يقع فيه لتهويل الخطب وتفظيع الحال من اول الأمر .
وما الله بغافل عما تعملون من القبائح التي من جملتها هذا المنكر وقرئ بالياء على نهج يردون وهو تأكيد الموعيد .
أولئك الموصوفون بما ذكر من الأوصاف القبيحة وهو مبتدأ خبره قوله تعالى .
الذين اشتروا أي آثروا .
الحياة الدنيا واستبدلوها .
بالآخرة واعرضوا عنها مع تمكنهم من تحصيلها فإن ما ذكر من الكفر ببعض أحكام الكتاب إنما كان لمراعاة جانب حلفائهم لما يعود إليهم منهم من بعض المنافع الدنية الدنيوية .
فلا يخفف عنهم العذاب دنيويا كان أو أخرويا .
ولا هم ينصرون بدفعه عنهم شفاعة او جبرا والجملة معطوفة على ما قبلها عطف الإسمية على الفعلية أو ينصرون مفسر لمحذوف قبل الضمير فيكون من عطف الفعلية على مثلها .
ولقد آتينا موسى الكتاب شروع في بيان بعض آخر من جناياتهم وتصديره بالجملة القسمية لإظهار كمال الاعتناء به والمراد بالكتاب التوراة عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن التوراة لما نزلت جملة واحدة أمر الله تعالى موسى عليه السلام بحملها فلم يطق بذلك فبعث الله بكل حرف منها ملكا فلم يطيقوا بحملها فخففها الله تعالى لموسى عليه السلام فحملها .
وقفينا من بعده بالرسل يقال قفاه به إذا