البقرة 84 .
في تعداد بعض آخر من قبائح أسلاف اليهود مما ينادى بعدم إيمان أخلافهم وكلمة إذ نصب بإضمار فعل خوطب به النبي والمؤمنون ليؤديهم التأمل في أحوالهم إلى قطع الطمع عن إيمانهم أو اليهود الموجودون في عهد النبوة توبيخا لهم بسوء صنيع أسلافهم أي أذكروا إذ أخذنا ميثاقهم .
لا تعبدون إلا الله على إرادة القول أي قلنا أو قائلين لا تعبدون الخ وهو إخبار في معنى النهى كقوله تعالى ولا يضار كاتب ولا شهيد وكما يقول تذهب إلى فلان وتقول كيت وكيت وهو أبلغ من صريح النهى لما فيه من إيهام أن المنهى حقه أن يسارع الى الانتهاء عما نهى عنه فكأنه انتهى عنه فيخبر به الناهي ويؤيده قراءة لا تعبدوا وعطف قولوا عليه وقيل تقديره أن لا تعبدوا الخ فحذف الناصب ورفع الفعل كما في قوله ... الا ايهذا الزاجري أحضر الوغى ... وأن اشهد اللذات هل أنت مخلدي ... ويعضده قراءة أن لا تعبدوا فيكون بدلا من الميثاق أو معمولا له بحذف الجار وقيل أنه جواب قسم دل عليه المعنى كأنه قيل وحلفناهم لا تعبدون الا الله وقرئ بالياء لأنهم غيب .
وبالوالدين احسانا متعلق بمضمر أي وتحسنون او احسنوا .
وذي القربي واليتامى والمساكين عطف على الوالدين ويتامى جمع يتيم كندمي جمع نديم وهو قليل ومسكين مغعيل من السكون كأن الفقر اسكنه من الحراك واثخنه عن التقلب .
وقولوا للناس حسنا أي قولا حسنا سماه حسنا مبالغة وقرئ كذلك وحسنا بضمتين وهي لغة أهل الحجاز وحسني كبشرى والمراد به ما فيه تخلق وارشاد .
واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة هما ما فرض عليهم في شريعتهم .
ثم توليتم أن جعل ناصب الظرف خطابا للنبي والمؤمنين فهذا التفات إلى خطاب بنى أسرائيل جميعا بتغليب أخلافهم على أسلافهم لجريان ذكرى كلهم حينئذ على نهج الغيبة فإن الخطابات السابقة لأسلافهم محكية داخلة في حيز القول المقدر قبل لاتعبدون كأنهم استحضروا عند ذكر جناياتهم منعيت هي عليهم وأن جعل خطابا لليهود المعاصرين للرسول الله والمؤمنين فهذا تعميم للخطاب بتنزيل الاسلاف منزلة الأخلاف كما أنه تعميم للتولى بتنزيل الأخلاف منزلة الأسلاف للتشديد في التوبيخ أي اعرضتم عن المضى على مقتضي الميثاق ورفضتموه .
إلا قليلا منكم وهم من الأسلاف من أقام اليهودية على وجهها قبل النسخ ومن الأخلاف من أسلم كعبد الله بن سلام وأضرابه .
وأنتم معرضون جملة تذييليه أي وأنتم قوم عادتكم الاعراض عن الطاعة ومراعاة حقوق الميثاق أصل الأعراض الذهاب عن المواجهة والأقبال إلى جانب العرض .
وإذ أخذنا ميثاقكم منصوب بفعل مضمر خوطب به اليهود قاطبة على ما ذكر من التغليب ونعى عليهم أخلالهم بمواجب الميثاق المأخوذ منهم في حقوق العباد على طريقة النهى أثر بيان ما فعلوا بالميثاق المأخوذ منهم في حقوق الله سبحانه وما يجرى مجراها على سبيل الأمر فإن المقصود الأصلي من النهي عن عبادة غير الله تعالى هو الأمر بتخصيص العبادة به تعالى أي وأذكروا وقت أخذنا ميثاقكم