يوسف الآية 16 17 حالك هذا وحالك يومئذ لعلو شأنك وكبرياء سلطانك وبعد حالك عن أوهامهم وقيل لبعد العهد المبدل للهيئات المغير للأشكال والأول أدخل في التسلية روى أنهم حين دخلوا عليه ممتارين فعرفهم وهم له منكرون دعا بالصواع فوضعه على يده ثم نقره فطن فقال إنه ليخبرني هذا الجام أنه كان لكم أخ من أبيكم يقال له يوسف وكان يدنيه دونكم وأنكم انطلقتم به وألقيتموه في غيابة الجب وقلتم لأبيكم أكله الذئب وبعتموه بثمن بخس ويجوز أن يتعلق وهم لا يشعرون بالإيحاء على معنى أنا آنسناه بالوحي وأزلنا عن قلبه الوشحة التي أورثوه وهم لا يشعرون بذلك ويحسبون أنه مرهق ومستوحش لا أنيس له وقرىء لننبئنهم بالنون على أنه وعيد لهم فقوله تعالى وهم لا يشعرون متعلق بأوحينا لا غير .
وجاءوا أباهم عشاء آخر النهار وقرىء عشيا وهو تصغير عشى وعشى بالضم والقصر جمع أعشى أي عشوا من البكاء .
يبكون متباكين روى أنه لما سمع يعقوب عليه السلام بكاءهم فزع وقال ما لكم يا بني وأين يوسف .
قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق أي متسابقين في العدو والرمي وقد يشترك الإفتعال والتفاعل كالإنتضال والتنضال ونظائرهما .
وتركنا يوسف عند متاعنا أي ما نتمتع به من الثياب والأزواد وغيرهما .
فأكله الذئب عقيب ذلك من غير مضى زمان يعتاد فيه التفقد والتعهد وحيث لا يكاد يطرح المتاع عادة إلا في مقام يؤمن فيه الغوائل لم يعهد تركه عليه السلام عنده من باب الغفلة وترك الحفظ الملتزم لا سيما إذا لم يبرحوه ولم يغيبوا عنه فكأنهم قالوا إنا لم نقصر في محافظته ولم نغفل عن مراقبته بل تركناه في مأمننا ومجمعنا بمرأى منا لأن ميدان السباق لا يكون عادة إلا بحيث يتراءى غايتاه وما فارقناه إلا ساعة يسيرة بيننا وبينه مسافة قصيرة فكان ما كان .
وما انت بمؤمن لنا بمصدق لنا في هذه المقالة الدالة على عدم تقصيرنا في أمره .
ولو كنا عندك وفي اعتقادك .
صادقين موصوفين بالصدق والثقة لشدة محبتك ليوسف فكيف وأنت سيء الظن بنا غير واثق بقولنا وكلمة لو في أمثال هذه المواقع لبيان تحقق ما يفيده الكلام السابق من الحكم الموجب أو المنفي على كل حال مفروض من الاحوال المقارنة له على الإجمال بإدخالها على أبعدها منه وأشدها منافاة له ليظهر بثبوته أو انتفائه معه ثبوته أو انتفاؤه مع غيره من الأحوال بطريق الأولوية لما أن الشيء متى تحقق مع المنافي القوي فلأن يتحقق مع غيره أولى ولذلك لا يذكر معه شيء من سائر الأحوال ويكتفي عنه بذكر الواو العاطفة للجملة على نظيرتها المقابلة لها الشاملة لجميع الأحوال المغايرة لها عند تعددها وقد مر تفصيله في سورة البقرة عند قوله تعالى أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون وفي سورة الأعراف عند قوله تعالى أولو كنا كارهين