1998 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني حدثنا بشر ـ يعني ابن الفضل ـ حدثنا ابن عون عن إبرهيم عن الأسود قال Y انطلقت أنا و مسروق إلى أم المؤمنين نسألها عن المباشرة فاستحيينا قال : قلت : جئنا نسأل حاجة فاستحيينا فقالت : ما هي ؟ سلا عما بدا لكما قال قلنا : كان النبي صلى الله عليه و سلم يباشر و هو صائم ؟ قالت : قد كان يفعل و لكنه كان أملك لإربه منكم .
قال أبو بكر : إنما خاطب الله جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه و سلم و أمته بلغة العرب أوسع اللغات كلها التي لا يحيط بعلم جميعها أحد غير نبي و العرب في لغاتها توقع اسم الواحد على شيئين و على أشياء ذوات عدد و قد يسمى الشيء الواحد بأسماء و قد يزجر الله عن الشيء و يبيح شيئا آخر غير الشيء المزجور عنه و وقع اسم الواحد على الشيئين جميعا على المباح و على المحظور و كذلك قد يبيح الشيء المزجور عنه و وقع اسم الواحد عليهما جميعا فيكون اسم الواحد واقعا على الشيئين المختلفين أحدهما مباح و الآخر محظور و اسمهما واحد فلم يفهم هذا من سفه لسان العرب و حمل المعنى في ذلك على شيء واحد يوهم أن الأمرين متضادان إذ أبيح فعل مسمى باسم و حظر فعل تسمى بذلك الاسم سواء فمن كان هذا مبلغه من العلم لم يحل له تعاطي الفقه و لا الفتيا و وجب عليه التعلم أو السكت إلى أن يدرك من العلم مايجور معه الفتيا وتعاطى العلم و من فهم هذه الصناعة علم أن ما أبيح غير ما حظر و إن كان اسم الواحد قد يقع على المباح و على المحظور جميعا فمن الجنس الذي ذكرت أن الله D دل في كتابه أن مباشرة النساء في نهار الصوم غير جائز بقوله تبارك و تعالى : { فالآن باشروهن و ابتغوا ما كتب الله لكم و كلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل } فأباح الله عز و جل مباشرة النساء و الأكل و الشرب بالليل ثم أمرنا بإتمام الصيام إلى الليل على أن المباشرة المباحة بالليل المقرونة إلى الأكل و الشرب هي الجماع المفطر للصائم و أباح الله بفعل النبي المصطفى صلى الله عليه و سلم المباشرة التي هي دون الجماع في الصيام إذ كان يباشر و هو صائم و المباشر التي ذكر الله في كتابه أنها تفطر الصائم هي غير المباشرة التي كان النبي صلى الله عليه و سلم يباشرها في صيامه .
و المباشرة اسم واحد واقع على فعلين إحداهما مباحة في نهار الصوم و الأخرى محظورة في نهار الصوم مفطرة للصائم .
و من هذا الجنس قوله عز و جل { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } فأمر ربنا جل و علا بالسعي إلى الجمعة و النبي المصطفى صلى الله عليه و سلم قال : إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها و أنتم تسعون إيتوها تمشون و عليكم السكينة فاسم السعي يقع على الهرولة و شدة المشي و المضي إلى الموضع فالسعي الذي أمر به أن يسعى إلى الجمعة هو المضي إليها و السعي الذي زجر النبي صلى الله عليه و سلم عنه إتيان الصلاة هو الهرولة و سرعة المشي فاسم السعي واقع على فعلين أحدهما مأمور و الآخر منهي عنه و سأبين إن شاء الله تعالى هذا الجنس في كتاب معاني القرآن إن وفق الله لذلك K قال الأعظمي : إسناده صحيح