3074 - حدثنا هشام بن عمار . حدثنا حاتم بن إسماعيل . حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد الله . فلما انتهينا إليه سأل عن القوم . حتى انتهى إلي . فقلت أنا محمد بن علي بن الحسين . فأهوى بيده إلى رأسي فحل زري الأعلى . ثم حل زري الأسفل . ثم وضع كفه بين ثديي . وأنا يومئذ غلام شاب . فقال مرحبا بك . سل عما شئت . فسألته وهو أعمى . فجاء وقت الصلاة . فقام في نساجة ملتحفا بها . كلما وضعها على منكبيه رجع طرفاها إليه من صغرها . ورداؤه إلى جانبه على المشجب . فصلى بنا . فقلت أخبرنا عن حجة رسول الله A . فقال بيده فعقد تسعا وقال إن رسول الله A مكث تسع سنين لم يحج . فأذن في الناس في العاشرة أن رسول الله A حاج . فقدم المدينة بشر كثير . كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله A ويعمل بمثل عمله . فخرج وخرجنا معه . فأتينا ذا الحليفة . فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر . فأرسلت إلى رسول الله A كيف أصنع ؟ .
Y قال ( اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي ) فصلى رسول الله A في المسجد ثم ركب القصواء . حتى إذا استوت به ناقته على البيداء ( قال جابر ) نظرت إلى مد بصري من بين يديه بين راكب وماش . وعن يمينه مثل ذلك . وعن يساره مثل ذلك . ومن خلفه مثل ذلك . ورسول الله A بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن . وهو يعرف تأويله . ماعمل به من شيء عملنا به . فأهل بالتوحيد ( لبيك اللهم لبيك . لبيك لاشريك لك لبيك . إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك ) . وأهل الناس بهذا الذي يهلون به . فلم يرد رسول الله A عليهم شيئا منه . ولزم رسول الله A نلبيته . قال جابر لسنا ننوي إلا الحج . لسن نعرف العمرة . حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن . فرمل ثلاثا . ومشى أربعا . ثمض قام إلى مقام إبراهيم .
Y فقال ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصل ) فجعل المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول ( ولا أعلمه إلا ذكره عن النبي A ) إنه كان يقرأ في الركعتين قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد . ثم رجع إلى البيت فاستلم الركن . ثم خرج من الباب إلى الصفا . حتى إذا دنا من الصفا قرأ ( إن الصفا والمروة من شعائر الله . نبدأ بما بدأ الله به ) .
فبدأ بالصفا . فرقي عليه . حتى رأى البيت . فكبر الله وهلله وحمده .
Y وقال ( لاإله إلا الله وحده لاشريك له . له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير . لاإله إلا الله وحد لاشريك له . أنجز وعده ونصر عبده . وهزم الأحزاب وحده ) ثم دعا بين ذلك وقال مثل هذا ثلاث مرات . ثم نزل إلى المروة فمشى حتى إذا انصبت قدماه رمل في بطن الوادي . حتى إذا صعدتا ( يعني قدماه ) مشى حتى أتى المرءوة . ففعل على المروة كما فعل على الصفا . فلما كان آخر طوافه على المروة .
Y قال ( لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى وجعلتها عمرة . فمن كان منكم ليس معه هدى فليحلل وليجعلها عمرة ) فحل الناس كلهم وقصروا . إلا النبي A ومن كان معه الهدى . فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد الأبد ؟ قال فشبك رسول الله A أصابعه في الأخرى .
Y وقال ( دخلت العمرة في الحج هكذا ) مرتين ( لا . لأبد الأبد ) قال وقدم علي ببدن النبي A . فوجد فاطمة ممن حل . ولبست ثيابا صبيغا . واكتحلت . فأنكر ذلك عليها علي . فقالت أمرني أبي بهذا . فكان علي يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله A محرشا على فاطمة في الذي صنعته . مستفتيا رسول الله A في الذي ذكرت عنه وأنكرت ذلك عليها .
Y فقال ( صدقت . صدقت . ماذا قلت حين فرضت الحج ؟ ) قال قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسولك A .
Y قال ( فإن معي الهدي فلا تحل ) قال فكان جماعة الهدى الذي جاء به علي من اليمن والذي أتى به النبي A من المدينة مائة . ثم حل الناس كلهم وقصروا . إلا النبي A ومن كان معه هدى . فلما كان يوم التروية وتوجهوا إلى منى أهلوا بالحج فركب رسول الله A . فصلى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح . ثمض مكث قليلا حتى طلعت الشمس . وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة . فسار رسول الله A . لا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام أو المزدلفة كما كانت قريش تصنع في الجاهلية . فأجاز رسول الله A حتى أتى عرفة .
فوجد القبة قد ضربت له بنمرة . فنزل بها . حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له . فركب حتى أتى بطن الوادي . فخطب الناس .
Y فقال ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يوككم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا . ألا وإن كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين . ودماء الجاهلية موضوعة . وأول دم أضعه دم ربيعة بن الحرث . ( كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل ) . وربا الجاهلية موضوع . وأول ربا أضعه ربانا . ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله . فاتقوا الله في النساء . فإنكم أخذ تموهن بأمانة الله . واستحللتم فروجهن بكلمة الله . وإن لكم عليهن أن لايوطئن فرشكم أحدا تكرهونه . فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح . ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف . وقد تركت فيكم مالم تضلوا إن اعتصمتم به . كتاب الله . وأنتم مسئولون عني . فما أنتم قائلون ؟ ) قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت . فقال بإصبعه السبابة إلى السماء وينكبها إلى الناس ( اللهم اشهد . اللهم اشهد ) ثلاث مرات . ثم أذن بلال .
ثم أقام فصلى الظهر . ثم أقام فصلى العصر . ولم يصل بينهما شيئا . ثم ركب رسول الله A حتى أتى الموقف . فجعل بطن ناقته إلى الصخرات . وجعل حبل المشاة بين يديه . واستقبل القبلة . فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا . حتى غاب القرص . وأردف أسامة بن زيد خلفه . فدفع رسول الله A وقد شنق القصواء بالزمام . حتى إنض رأسها ليصيب مورك رحله . ويقول بيده اليمنى ( أيها الناس السكينة . السكينة ) كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد . ثم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين . ولم يصل بينهما شيئا . ثم اضطجع رسول الله A حتى طلع الفجر . فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة . ثم ركب القصواء . حتى أتى المشعر الحرام . فرقي عليه فحمد الله وكبره وهلله . فلم يزل رجلا حسن الشعر جدا . ثم دفع قبل أن تطلع الشمس . وأردف الفضل بن العباس . وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما . فلما دفع رسول الله A مر الظعن يجرين . فطفق ينظر إليهن . فوضع رسول الله A يده من الشق الآخر . فصرف الفضل وجهه من الشق الآخر ينظر . حتى أتى محسرا . حرك قليى . ثمض سلك الطريق الوسطى التي تخرجك إلى الجمرة الكبرى . حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة . فرمى بسبع حصيات . يكبر مع كل حصاة منها . مثل حصى الخذف . ورمى من بطن الوادي . ثم انصرف إلى المنحر . فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده . وأعطى عليا . فنحر ما غبر . وأشركه في هديه . ثم أمر من كل بدنة ببضعة . فجعلت في قدر . فطبخت . فأكلا من لحمها وشربا من مرقها . ثم أفاض رسول الله A إلى البيت . فصلى بمكة الظهر . فأتى بني عبد المطلب وهم يسقون على زمزم .
Y فقال ( انزعوا . بني عبد المطلب لولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم ) فناولوه دلوا فشرب منه .
[ 3074 - ش - ( فأهوى بيده إلى رأسي ) أي مدها إليه . ( فحل زري ) هو واحد أزرار القميص . فعل ذلك إظهارا للمحبة وإعلاما بالمودة لأجل بيت النبوة . ( نساجة ) ضرب من الملاحف منسوج . كأنها سيمت بالمصدر . ( المشجب ) أعواد تضم رؤوسها ويفرج بين قوائمها توضع عليها الثياب .
( فقال بيده ) أي أشار بيده . ( فأذن ) أي نادى . ( حاج ) أي خارج إلى الحج .
( يلتمس ) أي يطلب ويقصد . ( يأتم ) أي يقتدى ويعمل بمثل عمله .
( واستثفري ) هو أن تشد فرجها بخرقة لتمنع سيلان الدم . ( القصواء ) هي لغة الناقة التي قطع طرف أذنها . وقيل اسم لناقته A بلا قطع أذن . وقيل بل للقطع . ( استوت به ناقته ) أي علت به أو قامت مستوية على فوائمها . والمراد أنه بعد تمام طلوع البيداء لافي أثناء طلوعه .
( البيداء ) المفازة . وههنا اسم موضع قريب من مسجد ذي الحليفة . ( مد بصري ) أي منتهى بصري . وأنكر بعض أهل اللغة ذلك . وقال الصواب مدى بصري . قال النووي ليس بمنكر . بل هما لغتان . والمد أشهر .
( نبدأ بما بدأ الله به ) يفيد أن بداية الله تعالى ذكرا تقتضي البداءة عملا ( حتى إذا انصبت قدماه ) أي انحدرتا بالسهولة حتى وصلتا إلى بطن الوادي .
( حتى إذا صعدتا ) أي خرجتا من البطن إلى طرفه الأعلى .
( دخلت العمرة في الحج ) أي حلت في أشهر الحج وصحت . ( بل لأبد الأبد ) أي آخر الدهر .
( بدن ) جمع بدنة وهي ناقة أو بقرة تنحر بمكة . سميت بذلك لأنهم كانوا يسمنونها .
( محرشا ) من التحريش وهو الإغراء . ( نمرة ) في النهاية هو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم بعرفات ( فأجاز ) أي جاوز مزدلفة . ( زاغت الشمس ) أي زالت .
( يتبع... ) K صحيح