123 - ( 1802 ) حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد ( والفظ لابن عباد ) قالا حدثنا حاتم ( وهو ابن إسماعيل ) عن يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع عن سلمة بن الأكوع قال .
Y خرجنا مع رسول الله A إلى خيبر فتسيرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع ألا تسمعنا من هنياتك ؟ وكان عامر رجلا شاعرا فنزل يحدو بالقوم يقول .
اللهم لو أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا .
فاغفر فداء لك ما اقتفينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا .
وألقين سكينة علينا ... إنا إذا صيح بنا أتينا .
وبالصياح عولوا علينا .
فقال رسول الله A ( من هذا السائق ؟ ) قالوا عامر قال ( يC ) فقال رجل من القوم وجبت يا رسول الله لولا أمتعتنا به قال فأتينا خيبر فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة ثم قال ( إن الله فتحها عليكم ) قال فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم أوقدوا نيرانا كثيرة فقال رسول الله A ( ما هذه النيران ؟ على أي شيء توقدون ؟ ) فقالوا على لحم قال ( أي لحم ؟ ) قالوا لحم حمر الإنسية فقال رسول الله A ( أهريقوها واكسروها ) فقال رجل أو يهريقوها ويغسلوها ؟ فقال ( أو ذاك ) قال فلما تصاف القوم كان سيف عامر فيه قصر فتناول به ساق يهودي ليضربه ويرجع ذباب سيفه فأصاب ركبة عامر فمات منه قال فلما قفلوا قال سلمة وهو آخذ بيدي قال فلما رآني رسول الله A ساكتا قال ( مالك ؟ ) قلت له فداك أبي وأمي زعموا أن عامرا حبط عمله قال ( من قاله ؟ ) قلت فلان وفلان وأسيد بن حضير الأنصاري فقال ( كذب من قاله إن له لأجران ) وجمع بين إصبعيه ( إنه لجاهد مجاهد قل عربي مشى بها مثله ) وخالف قتيبة محمدا في الحديث في حرفي وفي رواية ابن عباد وألق سكينة علينا .
[ ش ( فتسيرنا ) أي فسرنا أو سرنا سيرا بعد سير أو جماعة بعد جماعة .
( هنياتك ) وفي بعض النسخ هنيهاتك أي أراجيزك والهنة تقع على كل شيء .
( فنزل يحدو بالقوم ) أي يحث إبلهم على السير ويغني لها وهذا الفعل يتعدى بنفسه وبالحرف فيقال حدا المطية وحدابها أي ساقها بالحداء .
( اللهم لولا أنت ما اهتدينا ) كذا الرواية قالوا وصوابه في الوزن لاهم أو تالله أو والله لولا أنت كما في الحديث الآخر والله لولا أنت .
( فاغفر فداء لك ما اقتفينا ) قال المازري هذه اللفظة مشكلة فإنه لا يقال فدى الباري سبحانه وتعالى ولا يقال له سبحانه وتعالى فديتك لأن ذلك إنما يستعمل في مكروه يتوقع حلوله بالشخص فيختار شخص آخر أن يحل ذلك به ويفديه منه قال ولعل هذا وقع من غير قصد إلى حقيقة معناه كما يقال قاتله الله ولا يراد بذلك حقيقة الدعاء عليه وكقوله A تربت يداك وتربت يمينك ويل أمه وفيه كله ضرب من الاستعارة لأن الفادي مبالغ في طلب رضا المفدى حين بذل نفسه عن نفسه للمكروه فكأن مراد الشاعر إني أبذل نفسي ورضاك وعلى كل حال فإن المعنى وإن أمكن صرفه إلى جهة صحيحة فإطلاق اللفظ واستعارته والتجوز به يفتقر إلى ورود الشرع بالإذن فيه قال وقد يكون المراد بقوله فداء لك رجلا يخاطبه وفصل بين الكلام بذلك فكأنه قال فاغفر ثم دعا إلى رجل ينبهه فقال فداء لك ثم عاد إلى تمام الكلام الأول فقال ما اقتفينا قال وهذا تأويل يصح معه اللفظ والمعنى لولا أن فيه تعسفا اضطرنا إليه تصحيح الكلام وقد يقع في كلام العرب من الفصل بين الجمل المعلق بعضها ببعض ما يسهل هذا التأويل ومعنى اقتفينا اكتسبنا وأصله الاتباع .
( إنا إذا صيح بنا أتينا ) هكذا هو في نسخ بلادنا أتينا وقد ذكر القاضي أنه روىأبينا فمعنى أتينا إذا صيح بنا للقتال ونحوه من المكارم أتينا ومعنى الثانية أبينا الفرار والامتناع .
( وبالصياح عولوا علينا ) أي استغاثوا بنا واستفزعونا للقتال قيل هي من التعويل على الشيء وهو الاعتماد عليه وقيل من العويل وهو الصوت .
( وجبت يا رسول الله لولا أمتعتنا به ) معنى وجبت أي ثبتت له الشهادة وستقع قريبا وكان هذا معلوما عندهم أن دعا له النبي A هذا الدعاء في هذا الموطن فاستشهد فقالوا هلا أمتعتنا به أي وددنا أنك لو أخرت الدعاء له بهذا إلى وقت آخر لنتمتع بمصاحبته ورؤيته مدة .
( مخمصة شديدة ) أي جوع شديد .
( لحم الحمر الإنسية ) هكذا هو هنا حمر الإنسية بإضافة حمر وهو من إضافة الموصوف إلى صفته وسبق بيانه مرات فعلى قول الكوفيين هو على ظاهره وعند البصريين تقديره حمر الحيوانات الإنسية وأما الإنسية ففيها لغتان وروايتان حكاهما القاضي عياض وآخرون أشهرهما كسر الهمزة وإسكان النون قال القاضي هذه رواية أكثر الشيوخ والثانية فتحهما جميعا وهما جميعا نسبة إلى الإنس وهم الناس لاختلاطها بالناس بخلاف حمر الوحش .
( إن له لأجران ) هكذا هو في معظم النسخ لأجران وفي بعضها لأجرين وهما صحيحان لكن الثاني هو الأشهر الأفصح والأول لغة أربع قبائل من العرب ومنها قوله تعالى { إن هذان لساحران } وقد سبق بيانها مرات .
( إنه لجاهد مجاهد ) هكذا رواه الجمهور من المتقدمين والمتأخرين لجاهد مجاهد وفسروا الجاهد بالجاد في علمه وعمله أي أنه لجاد في طاعة الله والمجاهد هو المجاهد في سبيل الله تعالى وهو الغازي وقال القاضي فيه وجه آخر إنه جمع اللفظين توكيدا قال ابن الأنباري العرب إذا بالغت في تعظيم شيء اشتقت له من لفظه لفظا آخر على غير بنائه زيادة في التوكيد وأعربوه بإعرابه فيقولون جاد مجد وليل لائل وشعر شاعر ونحو ذلك .
( قل عربي مشى بها مثله ) ضبطنا هذه اللفظة هنا في مسلم بوجهين وذكرهما القاضي أيضا الصحيح المشهور الذي عليه جماهير رواة البخاري ومسلم مشى بها ومعناه مشى بالأرض أو في الحرب ]