147 - ( 1218 ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن حاتم قال أبو بكر حدثنا حاتم بن إسماعيل المدني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال .
Y دخلنا على جابر بن عبدالله فسأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت أنا محمد بن علي بن حسين فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى ثم نزع زري الأسفل ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب فقال مرحبا بك يا ابن أخي سل عما شئت فسألته وهو أعمى وحضر وقت الصلاة فقام في نساجة ملتحفا بها كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها ورداؤه إلى جنبه على المشجب فصلى بنا فقلت أخبرني عن حجة رسول الله A فقال بيده فعقد تسعا .
فقال إن رسول الله A مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله A حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله A ويعمل مثل عمله فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأرسلت إلى رسول الله A كيف أصنع ؟ قال اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي فصلي رسول الله A في المسجد ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله A بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به فأهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد رسول الله A عليهم شيئا منه ولزم رسول الله A تلبيته قال جابر Bه لسنا ننوى إلا الحج لسنا نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى } [ 2 / البقرة / الآية 125 ] فجعل المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول ( ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي A ) كان يقرأ في الركعتين قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ { إن الصفا والمروة من شعائر الله } [ 2 / البقرة / الآية 158 ] أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى إذا أنصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى إذا أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال .
لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة .
فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد ؟ فشبك رسول الله A أصابعه واحدة في الأخرى وقال دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل لأبد أبد وقدم علي من اليمن ببدن النبي A فوجد فاطمة Bها ممن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت إن أبي أمرني بهذا قال فكان علي يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله A محرشا على فاطمة للذي صنعت مستفتيا لرسول الله A فيما ذكرت عنه فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال صدقت صدقت ماذا قلت حين فرضت الحج ؟ قال قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسولك قال فإن معي الهدي فلا تحل قال فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتي به النبي A مائة قال فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي A ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله A فصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله A ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله A حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتي بطن الوادي فخطب الناس وقال إن دماؤكم وأموالم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبدالمطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالممعروف وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟ قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله A حتى أتى الموقف فجعل .
[ ش ( فسأل عن القوم ) أي عن جماعة الرجال الداخلين عليه فإنه إذا ذاك كان أعمى عمي في آخر عمره ( فنزع زري الأعلى ) أي أخرجه من عروته ليكشف صدري عن القميص ( نساجة ) هذا هو المشهور في نسخ بلادننا وروايتنا لصحيح مسلم وسنن أبي داود ووقع في بعض النسخ في ساجة بحذف النون ونقله القاضي عياض عن رواية الجمهور قال وهو الصواب قال والساجة والساج جميعا ثوب كالطيلسان وشبهه قال ورواية النون وقعت في رواية الفارسي ومعناه ثوب ملفق قال قال بعضهم النون خطأ وتصحيف قلت ليس كذلك بل كلاهما صحيح ويكون ثوبا ملفقا على هيئة الطيلسان وقال في النهاية هي ضرب من الملاحف منسوجة كأنها سميت بالمصدر يقال نسجت أنسج نسجا ونساجة ( المشجب ) هو عيدان تضم رؤسها ويفرج بين قوائمها توضع علها الثياب ( فقال بيده ) أي أشار بها ( ثم أذن في الناس ) معناه أعلمهم بذلك وأشاعه بينهم ليتأهبوا للحج معه ويتعلموا المناسك والأحكام ويشهدوا أقواله وأفعاله ويوصيهم ليبلغ الشاهد الغائب وتشيع دعوة الإسلام ( واستثفري ) الاستثفار هوأن تشد في وسطها شيئا وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها من قدامها ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها وهو شبيه بثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها ( ثم ركب القصواء ) هي ناقته A قال أبو عبيدة القصواء المقطوعة الأذن عرضا ( ثم نظرت إلى مد بصري ) هكذا هو في جميع النسخ مد بصري وهو صحيح ومعناه منتهى بصري وأنكر بعض أهل اللغة مد بصري وقال الصواب مدى بصري وليس هو بمنكر بل هما لغتان المد أشهر ( فأهل بالتوحيد ) يعني قوله لبيك لا شريك لك ( استلم الركن ) يعني الحجر الأسود فإليه ينصرف الركن عند الإطلاق واستلامه مسحه وتقبيله بالتكبير والتهليل إن أمكنه ذلك من غير إيذاء أحد وإلا يستلم بالإشارة من بعيد والاستلام افتعال من السلام بمعنى التحية ( فرمل ثلاثا ) قال العلماء الرمل هو إسراع المشي مع تقارب الخطا وهو الخبب ( ثم نفذ إلى مقام إبراهيم ) أي بلغه ماضيا في زحام ( ثم خرج من الباب ) أي من باب بني مخزوم وهو الذي يسمى باب الصفا وخروجه عليه السلام منه لأنه أقرب الأبواب إلى الصفا [ شتى إذا انصبت قدماه ) أي انحدرت فهو مجاز من انصباب الماء ( حتى إذا صعدتا ) أي ارتفعت قدماه عن بطن الوادي ( ببدن ) هو جمع بدنة وأصله الضم كخشب في جع خشبة ( محرشا ) التحريش الإغراء والمراد هنا أن يذكر له ما يقتضي عتابها ( بنمرة ) بفتح النون وكسر الميم هذا أصلها ويجوز فيها ما يجوز في نظيرها وهو إسكان الميم مع فتح النون وكسرها وهو موضع بجنب عرفات وليست من عرفات .
( ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام ) معنى هذا أن قريشا كانت في الجاهلية تقف بالمشعر الحرام وهو جبل في المزدلفة يقال له قزح وقيل إن المشعر الحرام كل المزدلفة وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة ويقفون بعرفات فظنت قريش أن النبي A يقف في المشعر الحرام على عادتهم ولا يتجاوزه فتجاوزه النبي A إلى عرفات لأن الله تعالى أمره بذلك في قوله تعالى ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس أي سائر العرب غير قريش وإنما كانت قريش تقف بالمزدلفة لأنها من الحرم وكانوا يقولون نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه ( فأجاز ) أي جاوز المزدلفة ولم يقف بها بل توجه إلى عرفات ( فرحلت ) أي وضع عليها الرحل ( بطن الوادي ) هو وادي عرنة وليست عرنة من أرض عرفات عند الشافعي والعلماء كافة إلا مالكا فقال هي من عرفات ( كحرمة يومكم هذا ) معناه متأكدة التحريم شديدته ( بكلمة الله ) قيل معناه قوله تعالى فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وقيل المراد كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله A إذ لا تحل مسلمة لغير مسلم وقيل قوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء وهذا الثالث هو الصحيح ( ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ) قال الإمام النوو المختار أن معناه أن لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا أو امرأة أو أحد من محارم الزوجة فالنهي يتناول جميع ذلك وهذا حكم المسألة عند الفقهاء أنها لا يحل لها أن تأذن لرجل ولا امرأة لا محرم ولا غيره في دخول منزل الزوج إلا من علمت أو ظنت أن الزوج لا يكرهه ( فاضربوهن ضربا غير مبرح ) الضرب المبرح هو الضرب الشدد الشاق ومعناه اضربوهن ضربا ليس بشديد ولا شاق والبرح المشقة ( كتاب الله ) بالنصب بدل عما قبله وبالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ( وينكتها إلى الناس ) هكذا ضبطناه ينكتها قال القاضي كذا الرواية فيه بالتاء المثناة فوق قال وهو بعيد المعنى قال قيل صوابه ينكبها قال ورويناه في سنن أبي داود بالتاء المثناة من طريق ابن العربي وبالموحدة من طريق أبي بكر التمار ومعناه يقلبها ويرددها إلى الناس مشيرا إليهم ومنه نكب كنانته إذا قلبها هذا كلام