[ 8 ] لزوم البحث عن العوارض الذاتية لموضوع العلم وعدمه الثالث: في لزوم البحث عن العوارض الذاتية لموضوع العلم وعدمه. قد طفحت كلمات القوم واهل الفن بان موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية، مع انهم صرحوا بان العارض للشئ بواسطة امر اخص عارض غريب لا ذاتي. فيشكل حينئذ بان اغلب محمولات العلوم، عارضة لانواع موضوعاتها، فتكون اعراضا غريبة بالنسبة الى موضوع العلم. وقبل الشروع في ما ذكره الاصحاب في التفصى عن هذه العويصة، وبيان ما هو الحق عندنا لابد من تقديم مقدمة وهى ان العوارض جمع العارض، لا العرض، فان جمعه الاعراض، وهو المحمول على الشئ الخارج عنه، فيشمل العرض، المقابل في باب الكليات بالذاتي، وهو ما يتالف منه الشئ كالجنس والفصل، وغيره، كما يشمل الذاتي باصطلاح الحكماء وما يقابله، وهما، المحمول بالضميمة، أي ما لا يحمل على الشئ الا بعد ضم شئ آخر إليه كالعالم، حيث انه لا يحمل على الذات الا بعد ضم العلم إليه، وخارج المحمول، أي ما يكون خارجا حقيقة الشئ، المحمول عليه بعد ملاحظة نفس الذات، وان لم ينضم إليه شئ آخر. ثم ان اول من صرح بهذا الكلام، أي موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية، بما انه من الحكماء، وتبعة غيره منهم، وكان لا ينطبق ذلك على اصطلاحهم في الذاتي، إذا غلب المحمولات بالنسبة الى الموضوعات تكون من المحمولات بالضميمة، ففسره اهل المعقول، بما فسره به صاحب الكفاية بقوله: " أي بلا واسطة في العروض ". والمراد به كون العارض عارضا له حقيقة، سواء كان بلا واسطة في الثبوت كادراك الكليات العارضة للنفس الناطقة، أو مع الواسطة في الثبوت كالحرارة العارضة للماء بواسطة النار، والضابط هو ان لا يكون نسبة العرض الى الشئ بالعناية والمسامحة، من قبيل وصف الشئ بحال متعلقه من غير فرق بين كونها حلية كالحركة العارضة لجالس الفسينة بواسطتها، أو خفية كالبياض المنتسب الى الجسم، فان المعروض له حقيقة ________________________________________