[ 25 ] وقد اورد عليه الاستاذ الاعظم تارة: بان هذا المعنى اجنبي عن اذهان الواضعين لا سيما الاطفال وامثالهم الذين يصدر منهم الوضع كثيرا فكيف يمكن صدور الوضع مع كونه امرا مغفولا عنه، واخرى: بانه في الوضع الحقيقي، المكان المخصوص موضوع عليه، وكونه رأس الفرسخ، موضوعا له ومدلولا، وفي المقام الموضوع له والموضوع عليه شئ واحد، وهو المعنى. وفيها نظر، اما الاول، فلانه ان اراد بذلك ان الواضعين لا يتصورون الفرد الحقيقي، ويكون حقيقة مغفولا عنها، فيرد عليه انه لا يعتبر في الاعتباريات تصور الفرد الحقيقي والالتفات إليه حين اعتبار، الا ترى ان اهل القرى والصبيان في معاوضاتهم يعتبرون الملكية مع انه لا ينتقل اذهانهم الى فردها الحقيقي الذى هو من الاعراض الخارجية والمقولات الواقعية ؟ وان اراد انهم لا يتصورون الاعتبار نفسه، فيرد عليه: انه ما الفرق بين هذا الاعتبار وساير الاعتبارات كالملكية حيث انهم يعرفونها ولا يعرفون هذا. واما الثاني: فلانه لا يعتبر في الوضع الحقيقي كون المدلول والموضوع له غير الموضوع عليه، بل قد يتحدان، واخرى يتعددان. اما الاول، فكما في المثال، حيث ان رأس الفرسخ الذى هو الموضوع له عنوان منطبق على نفس ذلك المكان، واما الثاني، فكوضع العلم على باب البيت للدلالة على انعقاد مجلس خاص في البيت. وعليه فالمعنى موضوع له وموضوع عليه في المقام، واستغراب اطلاق الموضوع عليه على المعنى، لعدم شيوع هذا الاستعمال، لا لعدم كونه كذلك، فالصحيح في الايراد ما ذكرناه. الثاني، اعتبار كون اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى. فيكون وجود اللفظ وجود اللمعنى في عالم التنزيل. وفيه: ان نتيجة الوضع، الانتقال من اللفظ الى المعنى وكان المعنى هو الملقى الى المخاطب ويحكم عليه بما يشاء، لا ترتيب آثار المعنى على اللفظ كى يصح هذا التنزيل وان شئت قلت ان التنزيل الا دعائي انما يكون بلحاظ ترتيب آثار المنزل عليه على المنزل ومن الواضح انه في باب الوضع ليس كذلك، إذ الواضع لا يريد بالوضع ترتيب آثار المعنى على اللفظ. فالتحقيق ان حقيقة الوضع، ليست الا ما اختاره جملة من اساطين المحققين، منهم ________________________________________